في ظل تصاعد المخاوف الأمنية والسياسية في أوروبا، تتجه الحكومة البلجيكية نحو البحث عن دعم الاتحاد الأوروبي لتسهيل عمليات ترحيل طالبي اللجوء الأفغان المقيمين في البلاد بشكل غير قانوني أو المدانين بجرائم.
يأتي هذا التحرك بعد أن بدأت ألمانيا والنمسا بالفعل بتنفيذ عمليات ترحيل أولية نحو كابول تحت حكم طالبان، وسط جدل واسع حول المخاطر التي قد تواجه هذه الفئة من السكان.
وتقول صحيفة "لوموند" الفرنسية: تسعى بلجيكا الآن للحصول على اتفاق من شركائها في الاتحاد الأوروبي ومنطقة شنغن لتسريع عمليات العودة، سواء كانت طوعية أو قسرية.
وأوضحت وزيرة اللجوء والهجرة البلجيكية، أنيلين فان بوسويت، مؤخرا في تصريحات صحيفة أنها ستبحث هذا الملف أيضًا مع السلطات الأفغانية، على الرغم من أن العودة الطوعية أو القسرية غير ممكنة منذ عودة طالبان إلى السلطة في 2021 بسبب غياب العلاقات الدبلوماسية مع كابول.
وأكدت فان بوسويت أن هذه القضية ليست مشكلة بلجيكية فقط، داعية إلى تنظيم بعثة مشتركة تشمل المفوضية الأوروبية وخدمة العمل الخارجي الأوروبي والدول الراغبة في التعاون.
وقد أرسلت الوزيرة رسالة إلى المفوضية الأوروبية لتسريع اتفاقيات العودة نحو أفغانستان وإيجاد حلول عملية ودبلوماسية لتنفيذها بطريقة آمنة ومنظمة، ووقعت الرسالة على هذا الطلب 20 دولة من بينها ألمانيا، إيطاليا، بولندا، اليونان، هولندا، والسويد، بينما لم توقع كل من فرنسا، إسبانيا، والبرتغال.
حتى الآن، تتعامل المؤسسات الأوروبية بحذر شديد تجاه هذا الملف، مشيرة إلى أن عمليات إعادة طالبي اللجوء المرفوضين تبقى مسؤولية الدول الأعضاء. وفي هذا الإطار، نفذت ألمانيا والنمسا عمليات ترحيل جماعي، حيث أعادت برلين 81 مواطناً أفغانياً في 18 يوليو/ تموز 2025، بعد التوصل إلى اتفاق مع الحكومة الأفغانية لاستئناف استقبال رعاياها.
لكن القرار أثار انتقادات قوية من قبل منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة، حيث أكدت المتحدثة باسم مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، رافينا شمداساني، أن إعادة أشخاص إلى بلد قد يتعرضون فيه للاضطهاد أو المعاملة القاسية تشكل انتهاكاً لمبدأ عدم الإعادة القسرية في القانون الدولي.
وأكدت أن لكل طالب لجوء الحق في أن تنظر السلطات في طلبه بطريقة عادلة قبل أي قرار ترحيل قسري، وأن أي انتهاك لهذه القواعد يجب أن يتوقف فوراً.
تسعى بلجيكا وعدد من الدول الأوروبية إلى الحد من تدفق طالبي اللجوء الأفغان، الذين شكلوا أكبر مجموعة مقدمة للطلبات في أوروبا العام الماضي، إذ بلغ عددهم 87 ألفاً، مع معدل قبول مرتفع نسبياً على مستوى الاتحاد الأوروبي "حوالي 60%"، مقابل معدل أقل في بلجيكا "حوالي 40%".
ويشير التقرير إلى أن حوالي 2,815 أفغانياً يقيمون حالياً في مراكز استقبال في بلجيكا، ويشكل بعضهم "مشكلة أمنية"، حيث ارتكب بعضهم "حوادث خطيرة" باستخدام الأسلحة البيضاء في مدينتي أنتويرب روسلاريه.
وأكدت وزيرة الهجرة البلجيكية أن استمرار عدم القدرة على ترحيل المخالفين للقانون أو المدانين يضعف ثقة المواطنين ويهدد الأمن الوطني، وشددت على ضرورة توسيع دور فرونتكس، الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل، لتنسيق عمليات العودة الطوعية للأفغان وإعادة دمجهم محلياً، بينما يجب على المفوضية الأوروبية دراسة عمليات الإعادة القسرية مع مراعاة الأمن الوطني.
وتسعى الحكومة البلجيكية إلى اعتماد أشد السياسات صرامة في أوروبا، عبر تقليص عدد طلبات اللجوء (40 ألف طلب في 2024)، إصلاح قوانين لم الشمل، وتسريع إجراءات العودة للقاصرين والمرفوضين، في حين لا يتم تنفيذ نحو 20% فقط من أوامر مغادرة البلاد.