حذر مصدر سياسي سوري من تصعيد محتمل بين "قسد" والجيش السوري الجديد، في حال لم يتم التوصل إلى آلية مشتركة لتنفيذ الاتفاق الموقع بينهما بشكل يرضي الطرفين.
وقال المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إن "قسد" تعتمد استراتيجية مزدوجة تشمل التفاوض مع دمشق من جهة وتعزيز قدرتها العسكرية والدفاعية من جهة أخرى، "تحسبًا ربما لأي مواجهة محتملة إذا فشلت المساعي السياسية" على حد قوله.
وكشف المصدر عن معلومات قال إنه تأكد منها، تفيد بأن "قسد" تواصل حفر الأنفاق العسكرية في مناطق شمال شرق سوريا رغم توقيع الاتفاق مع الحكومة السورية حول دمج جسمها العسكري ضمن الجيش السوري.
وأوضح أن "قسد كثّفت أعمال الحفر، خاصة في محافظات الحسكة، وعين العرب (كوباني)، والرقة، وخاصة بعد سقوط نظام الأسد"، مشيرًا إلى أنها شرعت في تنفيذ شبكة أنفاق واسعة ضمن المدن الكبرى كالحسكة والقامشلي، وأيضًا في عامودا والدرباسية والمالكية، إضافة إلى إنشاء مقرات قيادة ومستودعات ذخيرة تحت الأرض.
يحذر المصدر من أن احتمالية التصعيد أو وقوع صدام مع الجيش السوري "واردة جدًا" في حال لم يجري التوصل إلى آلية مشتركة لتنفيذ الاتفاق بشكل يرضي الطرفين.
وأوضح أن "قسد" ستسعى جاهدة للحفاظ على هيكليتها العسكرية كقوة مهيمنة في شمال شرقي سوريا، داخل بنية الجيش السوري، وليس كأفراد مندمجين بشكل منفصل؛ لأن ذلك يعني فعليًا تفكيك قوات قسد وإنهاء وجودها، ما يعني مواجهة مع دمشق عاجلًا أم آجلًا".
وأضاف أن "قسد تعتمد حاليًا على استراتيجية مزدوجة: التفاوض مع دمشق من جهة، وتعزيز قدراتها العسكرية والدفاعية من جهة أخرى، تحسبًا لأي مواجهة محتملة إذا فشلت المساعي السياسية".
ويعتقد المصدر أن تركيا ستدفع دمشق باتجاه الخيار العسكري، وقد تكون شريكة في أي مواجهات محتملة بين الجيش السوري و"قسد" عبر الدعم الجوي والمدفعي.
تشكل مسألة اندماج "قسد" ضمن الجيش السوري الجديد باعتبارها الإشكالية الأبرز في الاتفاق، إذ تصر "قسد" على عملية دمج لجسمها كاملًا ضمن وزارة الدفاع السورية، فيما تصر وزارة الدفاع السورية على أن هذا النوع من الدمج لن يكون ممكنًا.
ورغم عدم وضوح تفاصيل هذه النقطة ضمن الاتفاق الموقع بين الطرفين، ومحاولة إرجائها باعتبارها النقطة الخلافية الكبرى، فإن كلا الطرفين ما زالا متمسكين بشرطهما، حيث أكد الناطق باسم "قوات سوريا الديمقراطية" محمود حبيب في مقابلة مع "إرم نيوز" أن دخول "قسد" إلى جيش الدولة ككتلة هي مصلحة وطنية وليس مطلبًا تعجيزيًا؛ لأن لديها قيادة هرمية وخبرات قتالية وأمنية تحتاجها سوريا بشدة في هذه الأوقات، وأن حكومة دمشق تعرف ذلك.
لكنه رغم ذلك، لم يؤكد أن دمشق وافقت على هذا الشرط، مشيرًا إلى أن هذه المسألة تبحثها لجان مشتركة لوضع الترتيبات اللازمة لهذا الأمر.
وحول الاتهامات لـ "قسد" باعتماد استراتيجية مزدوجة، ومواصلة حفر الأنفاق ومستودعات الذخيرة، حتى بعد توقيع الاتفاق، امتنع الناطق باسم "قسد" عن التأكيد أو النفي، مؤكدًا في اتصال معه من قبل "إرم نيوز"، أن لا علم لديه حول هذه الأمور، وأنه لا يستطيع الحديث عن أمور عسكرية أو أمنية، معتبرا أن "أبواق تركيا هي من تروج لهذه الأخبار؛ لأنها تريد تخريب أي تقارب مع دمشق".
يشكك العديد من الخبراء والمراقبين بنجاح الاتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية والإدارة السورية، ويعتقدون أن "النهايات السعيدة" لهذا الاتفاق غير ممكنة.
ويرى بعضهم أن "قسد" تحاول كسب الوقت لا أكثر، فيما دمشق كانت مضطرة للتوقيع على "اتفاق بلا ملامح" وتحكمه العمومية، لإنقاذها من ورطة مجازر الساحل.
الكاتب والمحلل السياسي السوري مازن بلال يرى في تعليق لـ "إرم نيوز" ، أنه من الصعب نجاح الاتفاق بين دمشق و"قسد" بشكل كامل؛ لأنه شكل محاولة استباقية لفض الاشتباك المتوقع بينهما لاحقًا، فالطرفان يدركان أنهما غير قادرين على السيطرة على كامل سوريا.
ويوضح بلال أن الاتفاق جاء بضغط أمريكي لتخفيف الضغط على إدارة ترامب في حال قررت الانسحاب من سوريا، وللضغط على تركيا أيضًا من أجل القبول بحلول خاصة، لكن الاتفاق "على المستوى العسكري يصعب تطبيقه مع وجود ميليشيات واتجاهات دينية متطرفة، فهو اتفاق تكتيكي بامتياز لتهدئة الأوضاع فقط".
ويستبعد الكاتب السوري أن تضغط الولايات المتحدة على "قسد" لتنفيذ الاتفاق؛ لأنها ورقة بيدها.
أما عن حديث المصدر عن صراع عسكري محتمل بين الطرفين، فيرى بلال أنه ليس هناك مؤشرات على صراع عسكري بين الطرفين في الوقت الحالي، فقوات دمشق مشغولة بالساحل حاليًا، لكن مستقبلًا يبدو الأمر واردًا إذا لم تستطع دمشق التحكم بالميليشيات، وخاصة "الجيش الوطني".