رأى الأمين السياسي لحزب البعث القومي السوداني وعضو الأمانة العامة لتحالف "صمود"، كمال بولاد، أن اجتماعات "الرباعية" في واشنطن تمثل مدخلا لإقرار هدنة في السودان.
وقال بولاد في حوار مع "إرم نيوز"، إن هذه الاجتماعات "تشكّل نقطة تحول مهمة في مسار التهدئة، وتُعد مدخلاً ضرورياً لإقرار هدنة ميدانية تمهّد لمرور المساعدات الإنسانية وفتح خطوط الإغاثة مع بداية المسار الإنساني".
لكنه لفت إلى وجود عقبات لهذه الجهود، تعيق التوصل إلى اتفاق.
ويلتقي ممثلون عن الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر الجمعة في واشنطن مع طرفي النزاع في السودان للضغط من أجل التوصل إلى هدنة.
وقال مسؤول إن الاجتماع يهدف إلى "الضغط على الطرفين المتحاربين لتثبيت هدنة إنسانية على مستوى البلاد لمدة ثلاثة أشهر"، مضيفا أن أعضاء "الرباعية" سيلتقون الجانبين بشكل منفصل، بحسب ما نقلت وكالة "فرانس برس".
تتحرك الرباعية الدولية، وبوجه خاص الولايات المتحدة، في هذه المرحلة الحساسة نحو تأسيس منبر يجمع طرفي النزاع السوداني، تمهيداً لإطلاق مبادرة شاملة تهدف إلى فتح مسار للحوار يمهّد لوقف إطلاق النار.
وتبدأ هذه الخطوة بلقاءات غير مباشرة تستضيفها واشنطن، ورغم طابعها العسكري – العسكري، فإنها تشكّل نقطة تحول مهمة في مسار التهدئة، إذ تُعد مدخلاً ضرورياً لإقرار هدنة ميدانية تمهّد لمرور المساعدات الإنسانية وفتح خطوط الإغاثة مع بداية المسار الإنساني.
ولا بد من الإشارة إلى الجهود الموازية التي تقودها ما يمكن تسميته بـ "الرباعية الاتحادية"، التي تضم الاتحاد الأفريقي والإيغاد والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، حيث تتجه المساعي نحو التنسيق والتكامل حول خريطة الطريق التي طرحتها الرباعية الدولية في 12 سبتمبر الماضي، لما اتسمت به من واقعية ومرونة، فضلاً عن قبولها الواسع من مختلف الأطراف.
ومن المتوقع أن تتوسع هذه الجهود لتشمل فاعلين جددًا، سعيًا إلى وقف شامل للحرب، وهو الهدف الأبرز الذي يجمع الأطراف الإقليمية والدولية بعد مأساة إنسانية امتدت لعامين ونصف العام، وتحوّلت إلى ملف ضاغط في برلمانات وشوارع العواصم الكبرى.
رغم هذه التحركات، لا تزال الفجوة بين أطراف الحرب واسعة، وهي من أعقد العقبات نتيجة تضارب المواقف السياسية وغياب الإرادة الجادة لوقف النزاع، فضلاً عن تصاعد نفوذ التيار الراديكالي الإسلامي، أحد أبرز أجنحة النظام السابق الذي أسقطته ثورة ديسمبر/أبريل 2019، والذي يشارك اليوم في الحرب إلى جانب الجيش، رافضًا إيقافها قبل تحقيق هدفه بالعودة إلى السلطة.
هذا التيار يقف على النقيض من القوى المدنية والسياسية التي تتمسك بمكتسبات الثورة المجيدة، وأهمها إبعاد رموز النظام السابق وإقامة نظام ديمقراطي يستند إلى الإرادة الشعبية لا إلى استبداد الحاكمين.
تتجه مبادرة الرباعية وخريطة طريقها نحو تسوية متدرجة تضع نهاية للحرب وتعيد بناء الحكم المدني. غير أن نجاحها يتطلب موقفاً وطنياً صادقاً يؤسس لمركز مدني موحّد يعمل على وقف النزيف واستعادة الدولة لمسارها الانتقالي المتوافق عليه، وصولاً إلى مرحلة إعادة الإعمار والاستقرار وترسيخ الإرادة الانتخابية الحرة التي تعبّر عن تطلعات الشعب السوداني إلى السلام والديمقراطية.