يثير إعلان المنظمة التونسية للأطباء الشبان عن إضراب عام وحراك في الشارع تساؤلات حول ما إذا كانت تونس مقبلة على شتاء ساخن، خاصة أن ذلك تزامن مع حراك أعلن عنه الصحفيون أيضًا، فيما تتزايد السجالات بين وزارة العدل والدوائر السياسية حول إضراب عن الطعام يقوم به سجناء من المعارضة.
ورفضت وزيرة العدل، ليلى جفال، مزاعم المعارضة بشأن وجود معارضين يخوضون إضرابًا عن الطعام، وذلك على هامش جلسة أمام البرلمان.
وفي الأيام الماضية، تزايد التوتر بين الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر نقابة في البلاد، والحكومة بسبب إقرار زيادة في الأجور دون فتح باب التفاوض معه، ما أثار مخاوف من تفجّر الجبهة الاجتماعية في البلاد.
وعلّق المحلل السياسي التونسي، المنذر ثابت بأن "تونس مقبلة على شتاء ساخن بالفعل في ظل وجود عدة ملفات لم يتمّ حسمها، على غرار التلوث في قابس، حيث لم تتراجع مطالب أهالي المدينة بضرورة تفكيك الوحدات الصناعية المتسببة في التلوث، في سياق اجتماعي متوتر أصلاً بسبب تصعيد الاتحاد العام التونسي للشغل وتوجهه نحو إضراب عام محتمل من أجل حماية الحقّ النقابي، وبروز إشكال حول مسألة الزيادة في الأجور، وهي زيادة تم إعلانها في قانون المالية في تخطٍّ لبروتوكول التفاوض في قراءة الاتحاد".
وأضاف ثابت في تصريح لـ"إرم نيوز" أن "الحكومة ترى أنه لا يوجد خرق لمجلة الشغل، لكن الاتحاد يقول خلاف ذلك، وهو ما يجعلنا نرى تصعيدًا نقابيًا، فالاتحاد يدافع عن وجوده ودوره بطموح سياسي معهود. والجبهة الاجتماعية تشمل أيضًا ملف الأطباء والأطباء الشبان وتأجيرهم، وملف الأطباء ملف حيوي بالنسبة لتونس في ظل الهجرة المكثفة للكوادر من الأطباء والمهندسين، وهو ما تسبب في خسائر جسيمة للبلاد".
وشدد على أن "الملف الاجتماعي يضاف إليه الملف السياسي، حيث يجد قطاع واسع من المعارضة أنفسهم رهن الإيقاف بسبب قضايا عدة، وهي قضايا أثارت الرأي العام الداخلي وموضوع متابعة خارجية سواء من الإعلام أو غيره. لذلك تتفاقم هذه الأزمة في ظل إضرابات الجوع، ناهيك عن مسألة الإعلام في ظل المرسوم عدد 54 واختفاء منابر إعلامية برمتها وأزمة التمويل. لذلك فإن تونس تعيش أزمة مركّبة ما يدفع نحو شتاء ساخن".
ولم يعلن الاتحاد العام التونسي للشغل بعد عن تحركات، لكن تزايد التوتر بينه وبين الحكومة يثير مخاوف من تبعات ذلك على الاستقرار الاجتماعي.
ويرى المحلل السياسي، محمد صالح العبيدي، أن "تونس مقبلة على توتر مرتقب في ظل عدم حل أزمات معقدة عجزت الحكومات المتعاقبة عن إيجاد آليات خاصة بها، مثل ملف قابس والحوار مع الاتحاد، وأيضاً الأطباء والمهندسين الذين يُعدّون ثروة البلاد الرئيسية".
وأوضح العبيدي في تصريح لـ"إرم نيوز" أن "على السلطات فتح قنوات حوار والإيفاء بتعهداتها، خاصة أن تحركات الأطباء على سبيل المثال تأتي على خلفية نقض اتفاق سابق مع الحكومة وعدم الالتزام ببنوده".
وبيّن أنه "على الحكومة تجنب مزيد من التوتر وتكريس استقرار اجتماعي يسهّل حلحلة الكثير من الملفات، خاصة أن الغضب يتراكم، حيث شنّ مؤخراً موظفو البنوك أيضاً إضراباً عاماً ليومين كانت عواقبه وخيمة على العمليات المالية في البلاد".