قال خبراء إن الرصد الميداني للغارات الجوية الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة يظهر أنها لم تعد مجرد انتهاكات عابرة لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 10 أكتوبر الماضي، بل باتت وكأنها جزء منه.
وأضاف الخبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن واشنطن أصبحت تتبنى بالكامل الرواية الإسرائيلية حول "فزاعة التهديد الأمني" التي تتخيلها إسرائيل وقتما تشاء.
وأشاروا إلى أن ذلك منح تل أبيب تفويضًا مفتوحًا لتحديد الأهداف في غزة وتوقيت شن الضربات دون أي تدخل فعلي من أمريكا الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار.
وأكدوا أن موجات الغارات التي نفذتها الطائرات الحربية والمسيرة الإسرائيلية منذ إبرام اتفاق وقف إطلاق النار تجاوزت 200 غارة أسفرت عن قتل أكثر من 300 فلسطيني في قطاع غزة، ما يعكس حجم الانتهاكات المرتكبة من قبل الجانب الإسرائيلي بذرائع وحجج واهية.
الدفاع الذاتي كمظلة دائمة
وأشار المحلل السياسي الدرة، بهذا الخصوص إلى تصريحات الإدارة الأمريكية ممثلة بنائب الرئيس جي دي فانس، الذي أكد فيها أن "أي إجراء إسرائيلي يأتي كرد على انتهاكات حماس لا يُعتبر خرقًا للهدنة"، ما يعني عمليًا تبني واشنطن الكامل للتفسير الإسرائيلي.
واستنادًا إلى الموقف الأمريكي الذي يتبنى ويبرر الانتهاكات الإسرائيلية قال الدرة إن الولايات المتحدة لم تعد وسيطًا محايدًا لإنهاء الحرب، بل شريك في ارتكاب هذه الانتهاكات وصياغة قواعد الاعتداءات، حيث لم تعد الغارات تشكل استثناءً، بل هي القاعدة المسموح بها في هذا الإطار".
من جانبه قال المحلل السياسي سلمان الطويل، إن الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة لم تعد نتيجة رد فعل، بل باتت عملية برمجة مسبقة بذريعة اغتيال قادة أو أهداف تشكل خطرًا على الأمن الإسرائيلي.
وأوضح الطويل أن "الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة في قطاع غزة دون رادع بات كأنه طريقة لإثبات حق إسرائيل في الضرب متى شاءت بحجة الدفاع عن النفس بدعم من واشنطن، ما يحوّل اتفاق وقف إطلاق النار إلى غطاء قانوني للعدوان المستمر".
وأكد أنه "وفي ظل هكذا وضع فإن إسرائيل لم تعد بحاجة إلى انتهاكات الطرف الفلسطيني لتبرير الغارات التي تشنها على غزة، بل أصبح مجرد التهديد 'المحتمل' كافيًا لقتل المزيد من الفلسطينيين".
بدوره قال المحلل ياسين الدويش إن "نتنياهو يستغل الغموض الأمريكي لتحويل الهدنة إلى أداة حرب".
وأضاف: "كل غارة تُبرر بـ'تهديد وشيك'، وواشنطن تكتفي بالقول إن 'الهدنة قائمة'، هذا ليس وقف إطلاق نار، بل إدارة صراع بأقل تكلفة سياسية".
وأشار إلى أن "الولايات المتحدة تحولت من راعٍ إلى شريك في الانتهاكات الإسرائيلية من خلال تبنيها لرواية "التهديد الأمني" حتى أصبح أي فلسطيني مسلح أو حتى مدني قريب من موقع إسرائيلي يُعتبر هدفًا مشروعًا".
وخلص إلى أن "الرعاية الأمريكية للانتهاكات الإسرائيلية منح إسرائيل بطاقة بيضاء تحت عنوان "أمن إسرائيل"، ما حول الهدنة إلى احتلال جوي دائم لقطاع غزة".
