مقتل 5 جنود بتفجير انتحاري في شمال شرق نيجيريا

logo
حزب الله وتصنيع السلاحالمصدر: إرم نيوز
العالم العربي
خاص

من التهريب إلى التصنيع المحلي.. كيف دخل حزب الله ميدان إنتاج السلاح؟

قالت مصادر عسكرية وخبراء أمنيون لبنانيون، إن ميليشيا حزب الله قطعت خلال العامين الأخيرين مسارًا حاسمًا نحو بناء نواة صناعة عسكرية داخل لبنان، مستفيدة من الخبرة التي راكمتها في الحرب السورية، ومن الدعم التقني المباشر الذي قدمه الحرس الثوري الإيراني.

 وأفادت المصادر "إرم نيوز" بأن هذا التحول لم يأتِ من فراغ؛ بل تشكل عند اللحظة التي أدرك فيها حزب الله أن خطوط الإمداد التقليدية عبر سوريا والبحر المتوسط باتت مكشوفة وعرضة للضربات، وأن مشروع "الصواريخ الدقيقة" الذي أطلقته طهران لا يمكن أن يستمر دون نقل جزء من عملية التجميع والتحديث إلى الداخل اللبناني.

وتحدثت تقارير إسرائيلية صادرة عن مراكز أبحاث، مثل: "Alma" و "BICOM" على مدى سنوات عن إنشاء ورش ومرافق صغيرة لتحويل الصواريخ غير الدقيقة إلى صواريخ ذات قدرة توجيه أعلى، قبل أن يتطور الأمر إلى خطوط إنتاج محدودة داخل لبنان، بعضها تحت الأرض في البقاع والضاحية الجنوبية.

 

أخبار ذات علاقة

غارات إسرائيلية على جنوب لبنان

إسرائيل تتهم "حزب الله" بإعادة بناء قدراته قرب الحدود

ومع ارتفاع وتيرة الاستهداف الإسرائيلي لقوافل السلاح في سوريا، واشتداد الرقابة البحرية على الشحن عبر المتوسط، وجد الحزب نفسه مضطرا إلى توسيع هذه الورش لتشمل تحديث الصواريخ، وتصنيع أجزاء من المسيرات، وإنتاج مواد تفجير وأنظمة مساندة، وفقًا للمصادر العسكرية.

ماذا يصنع الحزب فعليا؟

الباحث والكاتب السياسي اللبناني علي حمادة يضيف بعدًا مهمًّا لهذه الصورة. يقول في حديثه لـ"إرم نيوز" إن "القدرة على تهريب الأسلحة كما في السابق أصبحت محدودة جدًّا"، وإن الحزب يلجأ اليوم إلى رفع مستوى "الصناعة التحويلية" للصواريخ والمسيرات لتعويض هذا التراجع.

ويشير حمادة إلى أن الحزب يمتلك نحو 20 ألف صاروخ، غالبيتها "غير دقيقة" أو قصيرة المدى من طراز غراد وكاتيوشا، إلى جانب عدد محدود من صواريخ متوسطة المدى مثل" فاتح 110".

 

أخبار ذات علاقة

من الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان

بعد إنذار عاجل.. إسرائيل تقصف بنى تحتية لـ"حزب الله" في لبنان (فيديو)

ويشرح أن ما يجري اليوم هو "تحويل هذه الصواريخ غير الدقيقة إلى صواريخ شبه دقيقة عبر تعديل الرؤوس المتفجرة وتركيب أنظمة توجيه" ، مؤكدًا أن هذه العمليات تتم في مخابئ وأنفاق عميقة "تحت الجبال وفي مناطق بعيدة عن قدرة الطيران الإسرائيلي على تدميرها" .

في موازاة ذلك، يتوسع الاعتماد على تصنيع وتجميع الطائرات المسيّرة داخل لبنان. فالأمين العام السابق للحزب، حسن نصر الله، قال علنًا إن الحزب ينتج المسيرات منذ سنوات، وإنه قادر حتى على بيعها.

توسع الإنتاج

 مصدر عسكري لبناني تحدث إلى "إرم نيوز" عن توسع واضح في هذا الاتجاه، مع ازدياد إنتاج المسيرات الانتحارية والمسيرات الاستطلاعية بوصفها سلاحًا أرخص وأكثر مرونة.

يقول المصدر المتابع لملف إنتاج الأسلحة لدى حزب الله، إن الحزب بات يملك ورشًا متعددة لتجميع المسيرات من مكوناتها المتفرقة، التي تدخل إلى لبنان على شكل قطع مدنية (أجنحة في بعض الشحنات، ومحركات في شحنة أخرى، وأجهزة اتصال في شحنة ثالثة، بحيث لا يثير أيٌّ منها الشبهة.

يؤكد حمادة هذه المعلومات قائلًا إن "التجميع يتم في ورش صغيرة، وليس في مصانع كبرى، لكن بوتيرة تسمح بإنتاج عشرات وربما مئات المسيرات سنويًّا" ، مضيفًا أن تدريب الخبراء اللبنانيين على هذا النوع من الأسلحة تم في إيران على مدى السنوات الماضية.

 

أخبار ذات علاقة

طائرتان مسيرتان تابعتان لميليشيا حزب الله

تفاصيل خطيرة.. شبكة سرية في أوروبا لإمداد "حزب الله" بالسلاح

وفي ما يتعلق بالذخائر التقليدية، يقول حمادة إن الحزب لا يعاني نقصًا حقيقيًّا، إذ يحتفظ بـ"عشرات ملايين الطلقات الخفيفة" ومخزون ضخم من الذخائر المدفعية الثقيلة في المخابئ. أما المكونات الإلكترونية الحساسة للصواريخ والمسيرات، فتُهرَّب بطرق متعددة، بعضها عبر مطار بيروت، وبعضها عبر مرافق بحرية وبرية، إضافة إلى استمرار تهريب كميات صغيرة من الذخائر والصواريخ المخبأة في سوريا" التي لم تُستهدف بعد، سواء من إسرائيل أو من السلطة الجديدة في دمشق" .

خرائط المصانع المحتملة

ويشير المصدر العسكري إلى أن خريطة المواقع المرتبطة بالتصنيع داخل لبنان ما زالت غامضة، لكنها باتت أكثر وضوحًا بعد 2019، حين نشر الجيش الإسرائيلي صورًا قال إنها لمواقع تحويل قرب مطار بيروت والضاحية. لاحقًا، ظهرت تسريبات إسرائيلية وأوروبية عن منشأة تحت الأرض في سهل البقاع قيل إنها مخصصة لتجميع الصواريخ الدقيقة، قبل أن تعلن إسرائيل في 2024 تدمير "أكبر موقع لإنتاج الصواريخ الدقيقة" في لبنان. وفي 2025، تحدثت مصادر إسرائيلية عن مصنع تحت الأبنية في الضاحية الجنوبية، قالوا إنه يستخدم لتجميع المسيرات الانتحارية، إضافة إلى ورش أصغر في النبطية ومرجعيون ومحيط القرى الحدودية.

المصادر اللبنانية تتعامل بحذر مع هذه المعلومات، إذ ترى أنها خليط بين الوقائع الحقيقية والحرب النفسية. لكنها تقرّ بوجود "ورش وخبرات صناعية" مرتبطة بالحزب في مناطق مختلفة، مستفيدة من شبكة أنفاق ومخازن تحت الأرض بُنيت منذ ما قبل حرب 2006 وطُورت لاحقًا خلال الحرب السورية.

من يقود العملية؟

على مستوى القيادة، تشير تقارير غربية إلى أن مشروع الصواريخ الدقيقة وملف التصنيع عمومًا مرتبطان مباشرة بالحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس، اللذين نَقلا التكنولوجيا والكوادر إلى لبنان عبر سنوات. وكان القائد العسكري فؤاد شكر، الذي اغتالته إسرائيل العام الماضي، أحد أبرز المسؤولين عن هذا الملف داخل الحزب، إلى جانب وحدات من "مجلس الجهاد" مهتمة بالتسليح والبحث والتطوير.

 

أخبار ذات علاقة

من موقع غارة سابقة على جنوب لبنان

الجيش الإسرائيلي يؤكد مقتل عنصرين من حزب الله بغارتين جنوبي لبنان

ومع انكفاء جزئي للدور الإيراني في سوريا والاغتيالات المتكررة لقادة فيلق القدس، تشير تقديرات أمنية غربية إلى اتجاه متزايد نحو "لبننة" العملية الصناعية، أي الاعتماد أكثر على الكوادر المحلية، فيما يقتصر الدور الإيراني على التكنولوجيا والمكوّنات الحساسة والتمويل.

التصنيع المحلي.. هل يعوض المخزون؟

لكن السؤال الذي يشغل تل أبيب وبيروت هو ما إذا كان هذا التصنيع المحلي يتيح للحزب تعويض تراجع خطوط الإمداد التقليدية. في هذا السياق، تشير التقديرات الإسرائيلية إلى نجاح كبير في مجال المسيرات الانتحارية، بينما يبقى تطوير الصواريخ الدقيقة أكثر صعوبة بسبب حساسية مكوناته وسهولة رصدها.

 

أخبار ذات علاقة

عناصر من الجيش اللبناني يتجمعون عند مدخل مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، بعد غارة إسرائيلي

إعلام عبري: هجوم صيدا استهدف إجهاض تنسيق بين حماس و"حزب الله"

ويقول الباحث السياسي حمادة إن "التعويض ليس سهلًا كما كان سابقًا عندما كان النفوذ الإيراني في سوريا في ذروته" ، لكنه يرى أن الحزب نجح في بناء قدرة صناعية وتحويلية تمنحه "هامش استقلال" وإن لم تكن بديلًا كاملًا عن الدعم الإيراني.

في المحصلة، تؤكد المصادر، أن حزب الله بات يمتلك اليوم، بنية صناعية عسكرية داخل لبنان، لكنها بنية مكملة للسلاح الإيراني أكثر مما هي بديلة عنه، بما يحمل ذلك من دلالات إستراتيجية تجعل أي مواجهة مقبلة أكثر خطورة واتساعًا على الساحة اللبنانية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC