تتباين آراء المحللين حول قضية سلاح المخيمات في لبنان، التي تعتبر من القضايا المعقدة والمزمنة.
ويرى خبراء أن الدولة اللبنانية لم تعالج هذه المشكلة بجدية؛ ما سمح باستمرار وجود الأسلحة داخل المخيمات الفلسطينية، في ظل تباين مواقف الفصائل الفلسطينية حيال تسليم السلاح.
فيما يشير آخرون إلى أن التدخلات الإقليمية من إيران عبر ميليشيا حزب الله والفصائل الإخوانية تزيد من تعقيد الحلول.
وتُعتبر زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى لبنان فرصة للتفاوض حول تسليم السلاح الفلسطيني إلى الدولة اللبنانية، لكن التحديات السياسية والضغوط الإقليمية تبقى عقبة أمام أي محاولة جادة لحل هذه القضية.
وبهذا الصدد، قال الكاتب والباحث السياسي، سركيس أبو زيد، إن مسألة سلاح المخيمات في لبنان مسألة قديمة، ولم يتم إيجاد حل لها حتى الآن، لوجود آراء متنوعة وظروف معقدة تحيط بهذا الملف.
وأوضح أبو زيد، لـ"إرم نيوز"، أنه توجد داخل المخيمات منظمات فلسطينية متباينة في الرأي، حيث يتفق البعض على ضرورة تسليم السلاح للدولة اللبنانية، بينما يرفض البعض الآخر ذلك بحجة مواجهة أي عدوان إسرائيلي قد يستهدف المخيمات.
وأضاف أن سلاح المخيمات لا يزال عالقًا بسبب غياب التفاعل الجاد من الدولة اللبنانية، التي لم تتمكن من بناء جيش قوي وفعّال قادر على مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية وحماية الحدود؛ ما فتح المجال لتدخلات المنظمات الفلسطينية أو اللبنانية أو الإسلامية الأخرى.
وأشار أبو زيد إلى أن هذا الموضوع أصبح مطروحًا بجدية أكثر اليوم، في ظل تطورات مرتبطة بسلاح حزب الله؛ ما دفع الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى فتح قنوات حوار واتصالات لإيجاد حل سلمي، وتجنب أي تصعيد قد يؤدي إلى خلافات سياسية أو أزمات داخلية.
واعتبر أن الحوار الجاد مع الفلسطينيين حول سلاح المخيمات يجب أن يترافق مع الجهود السياسية لتجنب أي تصعيد قد يؤدي إلى مشكلات أكبر، مؤكدًا أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضد إقامة دولة فلسطينية وضد حل الدولتين والمبادرة العربية تزيد من تعقيد الموضوع، حيث أن هذه التصريحات قد تفتح الباب أمام تفسيرات سياسية تؤثر على مسألة سلاح المخيمات بشكل مباشر.
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي، طوني بولوس، إن لبنان يتأثر بمشروعين إقليميين رئيسيين: "الأول المشروع الإيراني عبر حزب الله، والثاني المشروع الإخواني الذي يدعم بعض الفصائل الفلسطينية واللبنانية".
وأضاف بولوس، لـ"إرم نيوز"، أن هذين المشروعين يتقاطعان على زعزعة الاستقرار في لبنان، حيث يقومان بتسليح مجموعات وتنظيمها تحت عناوين سياسية ودينية مستغلين القضية الفلسطينية كغطاء لتوجيه الأموال والأسلحة لتلك المجموعات، وفق قوله.
وأوضح أن لبنان بحاجة إلى مرحلة جديدة من نزع سلاح الميليشيات، سواء كان سلاح حزب الله أو التنظيمات الفلسطينية التابعة للإخوان المسلمين، مؤكدًا أن هناك إرادة حقيقية في لبنان للبحث الجاد في عملية نزع سلاح جميع التنظيمات الفلسطينية داخل المخيمات وخارجها.
وأشار بولوس إلى أن زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس المرتقبة إلى لبنان قد تسهم في الاتفاق على تسليم السلاح؛ لأن الفلسطينيين في لبنان ليسوا أعداء، ولكن سلاحهم لا يخدم أي شيء، ويجب تسليمه للدولة اللبنانية.
وبيّن أن هذا السلاح أصبح وسيلة لتنظيمات الإخوان المسلمين في لبنان، التي حاولت ضرب منظمة التحرير الفلسطينية والسيطرة على المخيمات، خاصة مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان؛ ما يجعل التخلص منه ضرورة.
وقال بولوس إن التحديات التي تواجه الدولة اللبنانية حاليًا تكمن في أن "سلاح حزب الله هو سلاح إيراني، بينما سلاح التنظيمات الفلسطينية هو سلاح إخواني إقليمي عابر للحدود؛ ما يتطلب أن تضطلع السلطة الفلسطينية بدورها وتنزع الغطاء عن أي تنظيم فلسطيني يملك السلاح".
وأضاف "يجب أن يساعد المجتمع العربي والدولي الجيش اللبناني والحكومة اللبنانية لتستكمل عملية تطبيق القرارات الدولية ونزع سلاح حزب الله والميليشيات القريبة منه مثل حركة أمل".