حذر الخبير الاستراتيجي الإسرائيلي كفير تشوفا من أن التطورات الميدانية في سوريا تسير في مسار مغاير تمامًا لما تبدو عليه مبادرات المصالحة والترتيبات السياسية التي يروج لها المجتمع الدولي، مشيرًا إلى اتساع رقعة سيطرة الفصائل المتطرفة، التي تحظى بدعم مباشر من تركيا وعدد من الدول الإقليمية، وفق تعبيره.
وفي تحليل نشرته صحيفة معاريف العبرية، أكد تشوفا أن هذه الجماعات تمارس انتهاكات عنيفة بحق الأقليات العرقية والدينية في مناطق نفوذها، مشددًا على أن التهديد لا يقتصر على محافظة السويداء، بل يمتد ليشمل مناطق سورية أخرى.
واعتبر الخبير الإسرائيلي أن للطائفة الدرزية في سوريا دورًا استراتيجيًا مهمًا بالنسبة لإسرائيل، إذ تُشكل – من وجهة نظر تل أبيب – حاجزًا طبيعيًا يحول دون تمدد الفصائل المتطرفة المدعومة من أنقرة نحو الحدود الشمالية لإسرائيل.
وأشار إلى أن تمركز الدروز في المناطق الجبلية القريبة من مرتفعات الجولان، إضافة إلى هويتهم غير الإسلامية، وموقفهم المتفهم أو الداعم لإسرائيل، يعزز من هذا الدور الحاجز، في سياق التصور الأمني الإسرائيلي لمستقبل جنوب سوريا.
وتطرّق تشوفا إلى صراع النفوذ الدائر بين موسكو وأنقرة في عدد من الساحات الإقليمية، وعلى رأسها ليبيا والقوقاز، مؤكدًا أن انعكاسات هذا التنافس باتت أكثر وضوحًا في الساحة السورية، فبينما تسعى تركيا إلى تعزيز حضورها عبر دعم جماعات إسلامية مرتبطة بفكر "الإخوان المسلمين"، تعمل روسيا على تثبيت نفوذها الاستراتيجي والحد من التغلغل التركي.
وأوضح أن روسيا تعتمد أسلوب الحسم العسكري في تعاملها مع الملف السوري، وتضع "خطوطًا حمراء" واضحة لا تسمح بتجاوزها، ومن أبرز هذه التحركات، ما حدث في أبريل 2025، حين منعت موسكو نشر بطارية صواريخ تركية من طراز "إس-400" في مطار T4، في خطوة اعتبرها الخبير مؤشرًا على موقف روسي حازم تجاه أي تموضع تركي متقدم في سوريا.
وفي السياق ذاته، شدد تشوفا على أهمية تعميق التنسيق الاستراتيجي بين إسرائيل وروسيا، معتبرًا أن هذا التعاون ضروري للحد من تصاعد النفوذ العسكري التركي في شمال سوريا، وأوضح أن المصالح الإسرائيلية تقتضي استمرار التنسيق الأمني والجوي مع موسكو، إضافة إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية.
ورغم تصاعد الانتقادات الإسرائيلية لروسيا مؤخرًا، بما في ذلك تصريحات وزير الخارجية جدعون ساعر خلال زيارته إلى كييف، إلا أن تشوفا لم يتطرق إلى مدى تأثير هذه التصريحات على العلاقة الثنائية، مركزًا على البُعد الاستراتيجي في العلاقة بين تل أبيب وموسكو في الساحة السورية.
