واشنطن "تسخر" من باريس وتقترح دولة فلسطينية في "الريفيرا الفرنسية"

في تصعيد دبلوماسي غير مسبوق، أثارت تصريحات السفير الأمريكي في إسرائيل، مايك هوكابي، عاصفة من الجدل، بعدما رد بسخرية لاذعة على تحركات باريس نحو الاعتراف بدولة فلسطينية قائلًا: "يمكن لفرنسا أن تفصل قطعة من ريفيرا الفرنسية لإنشاء دولة فلسطينية. 

وبينما تستعد فرنسا، بالشراكة مع السعودية، لاحتضان مؤتمر أممي حول حل الدولتين، قوبلت مبادرتها بردود نارية من إسرائيل وواشنطن، وسط اتهامات مباشرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه "في حملة صليبية ضد الدولة اليهودية".

وفي هذا السياق، اعتبر الباحث السياسي الفرنسي جوستاف لوران، المتخصص في النزاع الفلسطيني–الإسرائيلي لدى مركز أبحاث "ميد إف فلسطين" لـ"إرم نيوز"، أن "التوتر بين باريس وتل أبيب لن ينتهي في الوقت الراهن بسهولة، موضحًا أن التصعيد يعكس بداية مرحلة أوروبية جديدة تعتبر الاعتراف بفلسطين ضرورة سياسية وأخلاقية في آنٍ واحد، لا مجرد موقف رمزي".

وأشار لوران إلى أن التصعيد الإسرائيلي أمام الصحوة الفرنسية، لدعم القضية الفلسطينية سيتواصل بعدة أوجه ومضايقات وليس فقط التصريحات اللاذعة، داعيًا اتخاذ فرنسا قرارات أكثر جدية تجاه تل أبيب سواء بالعقوبات أو قطع العلاقات. 

كما دعا لوران أن تقف الدول الأوروبية بجانب فرنسا في موقفها حتى لا تصبح وحيدة أمام التصعيد الإسرائيلي.

ورد السفير الأمريكي في إسرائيل، مايك هوكابي، بشدة على تصاعد رغبة فرنسا في الاعتراف بدولة فلسطين، مقترحًا بسخرية أن "تفصل باريس جزءًا من ساحلها الجنوبي، كوت دازور (الريفيرا) وتمنحه للفلسطينيين لإنشاء دولتهم".

وجاء هذا الرد الحاد في ظل اقتراب فرنسا من الاعتراف رسميًا بفلسطين، بالتزامن مع استمرار الحرب بين إسرائيل وقطاع غزة، والتي اندلعت منذ 7 أكتوبر 2023 في أعقاب هجمات حماس.

ومن المقرر أن تشارك فرنسا في رئاسة مؤتمر دولي في الأمم المتحدة، من 17 إلى 20 يونيو/حزيران الجاري، إلى جانب السعودية، لإحياء فكرة "حل الدولتين"، وهي المبادرة التي يرفضها بشدة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وفي مقابلة له مع قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، أعرب مايك هوكابي عن استيائه من المؤتمر المرتقب، واعتبر أنه "غير مناسب إطلاقًا في ظل الحرب القائمة"، مضيفًا: "إذا كانت فرنسا فعلًا مصممة على إقامة دولة فلسطينية، لدي اقتراح: فلتفصل قطعة من كوت دازور وتمنحها للفلسطينيين. مرحب بهم في فعل ذلك، لكنهم غير مرحب بهم عندما يحاولون فرض هذا النوع من الضغط على دولة ذات سيادة".

اتهامات إسرائيل لماكرون: "حملة صليبية ضد الدولة اليهودية"

وفي تصعيد موازٍ، اتهمت إسرائيل يوم الجمعة الرئيس الفرنسي بأنه يقود "حملة صليبية ضد الدولة اليهودية"، وذلك بعد أن دعا ماكرون، من سنغافورة، إلى "تشديد الموقف الأوروبي" تجاه إسرائيل ما لم تُحسن الوضع الإنساني في قطاع غزة.

وقال ماكرون خلال مؤتمر صحفي في سنغافورة: "إذا لم تكن هناك استجابة إنسانية ملائمة في الساعات والأيام القادمة، فيجب على الأوروبيين أن يشددوا موقفهم الجماعي تجاه إسرائيل".

وتابع محذرًا من أن "تخلي الغرب عن غزة وترك إسرائيل تتصرف دون مساءلة، قد يفقده مصداقيته عالميًا"، معتبرًا أن الاعتراف بدولة فلسطينية لم يعد فقط "واجبًا أخلاقيًا"، بل "ضرورة سياسية".

توسيع الاستيطان: رسالة إسرائيل إلى العالم

في سياق متصل، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، من مستوطنة في شمال الضفة الغربية، عن خطط لتوسيع الاستيطان، قائلًا: "هذه رسالة واضحة لماكرون وأمثاله: أنتم ستعترفون بدولة فلسطينية على الورق، ونحن سنبني الدولة اليهودية الإسرائيلية على الأرض. الورق سينتهي في مزبلة التاريخ، أما دولة إسرائيل فستزدهر وتزدهر".

وكانت إسرائيل قد أعلنت، قبل ذلك بيوم، عن إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، مؤكدة نيتها تحويل الأراضي المحتلة منذ 1967 إلى "دولة يهودية إسرائيلية" كاملة السيادة.