logo
العالم العربي

في الذكرى الثانية لحرب غزة.. محطات عالقة وآمال على قائمة الانتظار

النزوح في غزةالمصدر: رويترز

فيحاء شلش - إرم نيوز

لم تتخيل نور اسليم، الأم لثلاثة أطفال، أن تحل الذكرى الثانية للحرب على قطاع غزة وهي بعيدة عن أهلها وزوجها، بعد أن سافرت إلى مصر لعلاج طفلها المريض محمد.

ومنذ مغادرتها غزة في الأول من أبريل/نيسان عام 2024، ونور تحلم بالعودة إلى القطاع ليجتمع شملها مع عائلتها مجددًا، رغم الحرب الإسرائيلية المدمرة.

حال نور مثل حال جميع سكان القطاع الفلسطيني، الذين يحدوهم الأمل بواقع أفضل بعد 24 شهرًا على مختلف أشكال المعاناة.

وفي ظل الحديث عن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب، يتجدد الحلم بإنهاء هذا الوضع القاسي في غزة.

وأسفرت الحرب الإسرائيلية التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، بعد هجوم مفاجئ شنته حركة حماس على مستوطنات الغلاف، عن مقتل وفقدان أكثر من 70 ألف فلسطيني، وجرح عشرات الآلاف، ونزوح أعداد كبيرة من الفلسطينيين.

كما خلفت دمارًا وصف بـ"الشامل" لأكثر من 80% من المباني والمنشآت، وفقًا لإحصائيات رسمية فلسطينية.

أخبار ذات علاقة

غارات على غزة

الجيش الإسرائيلي يشن غارات مكثفة على غرب مدينة غزة

 قلق مستمر

تصف نور، التي يعاني طفلها محمد البالغ 14 عامًا من التهاب في الدم منذ سنوات، بُعدها عن عائلتها بـ"المؤلم"، في ظل استمرار الحرب، والقصف اليومي والنزوح المتكرر للعائلات.

وبعد تجدد الحرب الإسرائيلية على غزة في 18 مارس/آذار الماضي، عقب الهدنة المؤقتة التي استمرت قرابة الشهرين؛ أغلقت إسرائيل جميع معابر القطاع، ومنعت المسافرين من العودة إليه حتى الآن. 

في فبراير/شباط الماضي، كان طاهر عطوة، زوج نور، من ضمن مئات الأسرى الفلسطينيين الذين أفرجت عنهم إسرائيل ضمن صفقة التبادل مع حركة حماس مقابل أسرى إسرائيليين.

وقالت اسليم، في تصريحات لـ"إرم نيوز": "زوجي أمضى 14 عامًا في السجون الإسرائيلية، وحين خرج من الأسر إلى قطاع غزة لم أكن هناك لأستقبله، وما زلت محرومة من رؤيته.. أخشى من فقدانه قبل أن ألتقي به، واكتشفتُ أنه خرج من السجن إلى مقبرة أكبر اسمها قطاع غزة".
 
وتخشى نور، التي فقدت ثلاثة من أعمامها في هذه الحرب، أن يطال الموت أفرادًا من عائلتها في ظل الظروف الصعبة التي يمرون بها، حيث هُدم منزل العائلة في بداية الحرب، واضطرت نور ووالدتها وشقيقاتها إلى النزوح عدة مرات.

عائلة اسليم عادت خلال الهدنة الأخيرة إلى حي النصر غربي غزة، وهو الحي الذي كانت تسكنه قبل النزوح، لكن بدء الاجتياح الإسرائيلي الأخير للمدينة أجبر العائلة على النزوح مجددًا، والتشتت ما بين شمال القطاع وجنوبه.

تقول نور: "رغم كل ما مررنا به، ما زلت أتشبث بالأمل، وأن اللقاء سيأتي يومًا ما رغم الألم.. سأعود لأنام على صدر أمي، وأمسك بيد زوجي، وسأعود لأتنفس هواء غزة، رغم عامين من الإبادة؛ لأننا نستحق الحياة".

آثار عميقة

وما زالت الحرب الحالية تلقي بظلالها على حياة سكان القطاع، الذين يأملون في وقفها بأقرب فرصة، وتضافر الجهود لإنهاء معاناتهم.

وبهذا السياق، قال رئيس شبكة المنظمات الأهلية في القطاع، أمجد الشوا، إن الوضع الإنساني خطير جدًّا في ظل إعلان قطاع غزة منطقة مجاعة، بالإضافة إلى الشلل الكبير الذي أصاب القطاع الصحي، واستهداف الطواقم الطبية، ومقتل أكثر من 1500 منهم، والازدحام الكبير في المستشفيات بنسبة إشغال 300٪؜؛ بسبب ارتفاع أعداد الجرحى والمرضى.

وأوضح الشوا، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه في الذكرى الثانية للحرب هناك 16 ألف مريض بحاجة ماسة للإخلاء الطبي الفوري، وأن إسرائيل دمرت أكثر من 80٪؜ من البنية التحتية المائية في القطاع، ما خلف الكثير من التحديات المستقبلية على المديين القريب والمتوسط.

وأضاف أن "النزوح القسري طال 94٪؜ من السكان من مناطق مختلفة، خاصة من غزة والشمال ورفح وشرق خان يونس، وهم موجودون الآن في مناطق ضيقة جدًّا في ظل ظروف قاسية، مع عدم توفر مستلزمات الإيواء وسط اقتراب فصل الشتاء"، لافتًا إلى أن "هناك آلاف الأسر التي تفترش الطرقات والساحات في واقع صعب جدًّا".

وتركت الحرب أثرًا بالغًا على 30٪؜ من الجرحى الذين أصيبوا بإعاقات دائمة، بينهم خمسة آلاف طفل أصيبوا ببتر الأطراف، كما تركت الحرب آثارًا نفسية وصدمات لدى معظم أهل القطاع، خاصة الأطفال منهم.

وتابع الشوا: "بلا شك ستترك آثارًا عميقة على الفلسطينيين، خاصة الأطفال الذين فقدوا فرص التعليم، وعاشوا أوضاعا غذائية وصحية ونفسية قاسية".

وأكد: "سنكون بحاجة لجهد كبير إذا تم وقف إطلاق النار من أجل التعافي وإعطاء بعض الأمل للناس".

بدورها، تقدم شبكة المنظمات الأهلية خدمات عدة للفلسطينيين في ظل الحرب، تشمل الخدمات الصحية، والتكيات الغذائية، والمطابخ، وبرامج التأهيل النفسي والاجتماعي، والحماية القانونية للنساء، ومئات النقاط التعليمية التي تشرف عليها، ناهيك عن انخراطها بدورها القانوني والحقوقي وتوفير المياه وأماكن الإيواء.

لكن عمل تلك المنظمات واجه تحديات كبيرة في ظل استمرار الحرب، في مقدمتها فقدان 80٪؜ من مقراتها ومقدراتها؛ بسبب الغارات الإسرائيلية المتواصلة، ومقتل 240 من عمال الإغاثة، وقلة الإمكانيات في ظل الحصار وعدم إدخال المساعدات، وضعف الاستجابة المالية أمام حجم الكارثة الإنسانية، خاصة بعد انسحاب الكثير من الممولين، بحسب الشوا.

أخبار ذات علاقة

ترامب ونتنياهو

غنائم حرب غزة.. "معركة الأولويات" تنذر بفشل خطة ترامب ونتنياهو في غزة

 النزوح المستمر

ومن ضمن الملفات الصعبة في هذه الحرب، نزوح العائلات في ظروف قاسية وغير إنسانية، إذ تفتقر لأبسط مقومات الحياة.

كان محمد أبو القمصان، البالغ 25 عامًا، يسكن في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، واضطر مع عائلته المكونة من تسعة أفراد للنزوح جنوبًا في بداية الحرب، ثم عادوا إلى بنايتهم السكنية المتضررة جراء القصف.

يقول أبو القمصان، لـ"إرم نيوز"، إن رحلة النزوح الأولى كانت صعبة للغاية لأنهم لم يكونوا على علم بمعنى النزوح، ولم يأخذوا معهم حاجياتهم معتقدين أنها مسألة أيام قليلة، ثم سيعودون إلى منازلهم، لكن هذا الوضع استمر أكثر من عام حتى تم توقيع الهدنة في يناير/كانون الثاني الماضي.

وتابع: "عدنا إلى بنايتنا فكانت متضررة، ثم مع الاجتياح الأخير لمدينة غزة بدأ الطيران الإسرائيلي المسيّر يطلق رصاصه على البناية، ويأمرنا بإخلائها، رغم أنها كانت تضم أكثر من 100 شخص، معظمهم من الأطفال، ومنهم عائلات نزحت من جباليا وشمال القطاع فاستقبلناها في البناية". 

ومرة أخرى، نزحت عائلة أبو القمصان باتجاه الجنوب، لكنها حملت معها الكثير من أغراضها، وتكبدت أعباء نزوح باهظة الثمن من شراء خيمة وتوفير سولار وشاحنة لنقل الأغراض، أما محمد فرفض النزوح جنوبًا، وعاش بضعة أيام في الطرقات بلا مأوى، ثم لجأ إلى خيمة للصحفيين أمام مستشفى الشفاء.

وبحسب معلومات محمد، فقد دمرت إسرائيل البناية السكنية لعائلة أبو القمصان، لكنهم لا يستطيعون التوجه إلى المنطقة؛ بسبب تقدم الجيش الاسرائيلي فيها، كما تم تدمير عدة بنايات حولها.

واختتم محمد قائلًا: "فقدت عائلتنا أكثر من 120 شخصًا قتلوا بالغارات الإسرائيلية خلال هذين العامين، والآن نأمل أن تنتهي هذه المعاناة لأن أكبر حلم لنا بات وقف الحرب".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC