رأى خبراء أن سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر تمثل نقطة تحول مفصلية في مسار الصراع السوداني، ليس فقط من الناحية العسكرية، بل من حيث موازين النفوذ السياسي داخل إقليم دارفور والبلاد بأكملها.
وأضاف الخبراء لـ "إرم نيوز" أن الفاشر تعد بوابة استراتيجية بين السودان وليبيا وتشاد، وشكلت على مدى سنوات مركز الثقل العسكري لقوات بورتسودان، ومصدر الإمداد الرئيسي لها في الغرب، ما يجعل السيطرة عليها حدثاً يحمل أبعاداً عسكرية واقتصادية وسياسية معقدة.
قال مستشار قائد الدعم السريع، يعقوب عبد الكريم نورين إن مدينة الفاشر لها أهمية استراتيجية كبيرة، بالنظر إلى موقعها خاصة من الناحية التجارية، مشيرا إلى أنه من الناحية العسكرية، تمركزت فيها كل الفرق العسكرية التابعة لقوات بورتسودان التي هربت من دارفور، وهذا ما يفسر طول المدة الزمنية حتى تحريرها، حيث استسلمت كل القوى الموجودة التابعة للحركة الإسلامية داخلها لقوات الدعم السريع.
وبيّن نورين في تصريح لـ"إرم نيوز" أن قوات الدعم السريع عملت مباشة بعد تحرير الفاشر، على تأمين المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية لهم، مشيراً إلى أن "تحرير الفاشر من قبضة الحركة الإسلامية هو بداية لتحرير كل السودان".
وفي الإطار ذاته أكد نورين، أسر قيادات كبيرة من قوات بورتسودان بعضهم يتبع للفرقة السادسة.
من جانبه، أكد الخبير العسكري وليد عز الدين عبد المجيد، أن عاصمة إقليم شمال دارفور، تُعتبر من المواقع المهمة والتاريخية لقوات بورتسودان، فقد كانت تمدها بالأفراد، وخسارتها تعني انحسار قدرات بورتسودان العسكرية لأنها تسيطر على خطوط الإمداد وممرات الاتصال داخل الإقليم وخارجه، وتعتبر نقطة التحكم الرئيسية لذلك كانت قوات بورتسودان تستميت في الدفاع عنها قبل سقوطها.
وأضاف عبد المجيد لـ"إرم نيوز" أنه "من الناحية السياسية تعد الفاشر العاصمة السياسية والاقتصادية والتاريخية للإقليم والسيطرة عليها تعني فرض النفوذ على كافة الإقليم"، متوقعاً في قادم الأيام أن تنتقل إليها حكومة "تأسيس"، وهذا يعتبر "نصراً سياسياً إلى جانب النصر العسكري والذي سيغير كثيراً في مجريات الحراك العسكري والسياسي داخلياً وإقليمياً وعالمياً" وفق تأكيده.
وأوضح الخبير العسكري أن للفاشر أهمية اقتصادية أيضاً، إذ تُعتبر مركزاً تجارياً مهماً، وتتمتع بموارد طبيعية كالذهب والنحاس والحديد وموقعها على ملتقى طرق رئيسية يجعلها مركزاً مهماً يربط السودان وتشاد وليبيا ومصر.
وهنّأت القوى المدنية المتحدة (قمم) الشعب السوداني على "الانتصار التاريخي الذي سطرته قوات الدعم السريع بتحرير مدينة الفاشر من دنس جيش الحركة الإسلامية الإرهابية المتطرفة وحركات الارتزاق" وفق بيان لها.
وأضاف البيان أن "هذا الإنجاز العظيم يعد بداية مرحلة جديدة في مسيرة استقرار البلاد، ويعبر عن إرادة الشعب السوداني التي لا تُقهر مهما تعاظمت المؤامرات".
وقال الناطق الرسمي باسم "قمم"، عثمان عبدالرحمن سليمان إن "تحرير الفاشر من قبضة مليشيات الحركة الإسلامية، انتصار لكل الشعوب السودانية، وبداية لسلسلة انتصارات تعزز مسيرة الثورة السودانية ورسالة قوية تُؤكد أن عزيمة السودانيين ستظل صامدة في وجه كل التحديات" وفق قوله.
ووجه عثمان رسالة إلى المدنيين في كل أرجاء السودان بأن "استقرار وأمن البلاد يكمن في التخلص من عناصر الحركة الإسلامية وحلفائها من حركات الارتزاق والكتائب الإرهابية والمضي قدماً في تحرير بقية المناطق التي اختطفها النظام البائد، واستكمال مسيرة النهضة والتنمية الشاملة، وترسيخ مبدأ الوحدة والتضامن بين الشعوب".
واختتم عثمان حديثه بالتأكيد على الاستعداد للانخراط في أي عمل يخدم المدنيين داخل مدينة الفاشر والمناطق ذات الصلة، وقال: "نحن كقوى مدنية وسياسية ندعم أي مساعِ جادة لإعادة النازحين إلى منازلهم آمنين مطمئنين".