تعيد إسرائيل في مخيم طولكرم شمالي الضفة الغربية تكرار سيناريو النزوح الذي عانى منه سكان قطاع غزة، حيث نزح الآلاف من سكان المخيم، وبدأت إسرائيل بتدمير أجزاء كبيرة منه.
أتي ذلك بالتزامن مع حصار مشدد يفرضه الجيش الإسرائيلي على المخيم في إطار عملية عسكرية واسعة النطاق في الضفة الغربية، فيما حوّل الجنود الإسرائيليون كثيرًا من المنازل إلى ثكنات عسكرية، ودمروا وحرقوا منازل أخرى.
وينزح سكان المخيم قسريًا خوفًا من العمليات العسكرية الإسرائيلية، وتعمل الطواقم الطبية على إجلاء كبار السن والمرضى ونقلهم إلى مراكز إيواء أنشئت خصيصًا لهم بمختلف مناطق مدينة طولكرم، فقد بلغ عدد النازحين نحو 10,450 من السكان، حسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا".
وأكد محافظ طولكرم، عبد الله كميل، أن 85% من سكان المخيم أجبروا على النزوح منه بضغط من القوات الإسرائيلية، لافتًا إلى أنه لم يتبقَ داخل المخيم إلا 400 عائلة، وذلك مع دخول العملية العسكرية يومها الثاني عشر على التوالي.
وقال عضو إقليم بحركة فتح، محمد زيدان، إن الجيش الإسرائيلي يسيطر بالكامل على المخيم ويفرض حصارًا مطبقًا على العدد القليل من السكان الذين رفضوا النزوح إلى خارجه، مبينًا أن الأوضاع في المخيم صعبة للغاية.
وأوضح زيدان، لـ"إرم نيوز"، أن "المخيم شهد دمارًا واسعًا، وسجل حتى اللحظة تدمير 300 منزل ومنشأة تجارية كليًا، وأكثر من ألفي منزل جزئيًا، علاوة على تدمير الطرقات الرئيسية والفرعية وبالبنية التحتية".
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يكثف من عمليات الاعتقال بحق سكان المخيم، ونقلهم إلى جهات مجهولة، وأن الجهات الرسمية فقدت التواصل مع مئات السكان والعائلات.
وبين أن الجيش الإسرائيلي يواصل حصاره لمستشفى ثابت ثابت الحكومي، بهدف منع تقديم الخدمات الصحية والإنسانية لسكان المخيم.
ولفت إلى أن "أكثر من 10 آلاف من السكان يعيشون في مراكز للإيواء، وفي ظروف صعبة للغاية، كما أن من تبقى من العائلات معرضون لخطر النزوح القسري مع استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية".
وقال الخبير في الشأن العسكري، واصف عريقات، إن "طبيعة العملية العسكرية الإسرائيلية تشير إلى سعي تل أبيب لتكرار سيناريو غزة في الضفة الغربية بما في ذلك مخيم طولكرم، الذي تعتبره بؤرة للمجموعات المسلحة".
وأوضح عريقات، لـ"إرم نيوز"، أن "إجبار السكان على النزوح والدمار الكبير بالمخيم يشير إلى أن إسرائيل بدأت تنفيذ خطة عسكرية وأمنية بشمال الضفة، تقوم على أساس تدمير البنية التحتية للسكان والمسلحين".
وأشار إلى أن "الهجمات العنيفة من الجيش الإسرائيلي على المخيم لأنه المنطقة الأخطر في الضفة الغربية حاليًا، علاوة على أن مجموعاته المسلحة تعمل على استنساخ أفكار مجموعة عرين الأسود والذئاب المنفردة".
وأضاف: "يمكن للجيش الإسرائيلي السماح للسكان بالعودة إلى المخيم بعد مدة من عملياته العسكرية، إلا أن العودة ستكون صعبة للغاية، خاصة أن المخيم سيكون قد تعرض لدمار كبير، وقد يكون شبيهًا بشمال القطاع، الذي انعدمت فيه كل مقومات الحياة".
واستكمل: "إسرائيل تعمل على فرض واقع عسكري وأمني وسياسي جديد في الضفة الغربية، خاصة بعد نجاحها بذلك في قطاع غزة"، لافتًا إلى أن العملية الحالية قد تمتد لتشمل مختلف المناطق في مدينة طولكرم.
