يرى مراقبون أن البيئة الحاضنة لـ "حزب الله" تشهد خللًا كبيرًا عقب الحرب الأخيرة مع إسرائيل، بسبب العدد الكبير من الضحايا والخسائر المادية الفادحة، فضلًا عن عدم القدرة على دفع التعويضات التي وُعد بها المتضررون.
هذا التدهور في الوضع الاقتصادي والاجتماعي زاد من دائرة التململ والسخط، حتى إن الأمر تطور إلى معارضة علنية، سواء على الأرض أم عبر منصات التواصل الاجتماعي، كما يشير المراقبون.
المحامي سليم عز الدين، ابن مدينة النبطية، أفاد بأن "حزب الله" تعرض لخسائر جسيمة بعد الحرب، مشيرًا إلى أن هذه الخسائر لم تكن عسكرية فقط، بل امتدت إلى فقدان الحزب لقاعدته الشعبية التي طالما عدَّها درعًا واقيًا لقراراته، وأضاف أن الحرب الأخيرة كشفت زيف العديد من الشعارات التي كان الحزب يروج لها، مثل قدرة سلاحه على هزيمة إسرائيل، بالإضافة إلى كشف التناقضات في مشروع "محور المقاومة" الذي تبناه، ما جعل البيئة الحاضنة أكثر تشككًا في مواقف الحزب.
وأوضح عز الدين في حديثه لـ "إرم نيوز" أن عدة تكتلات رافضة لـ "حزب الله" بدأت تتشكل في العديد من المناطق الجنوبية والبقاعية نتيجة تداعيات الحرب الكارثية.
وقال إن عددًا من وجهاء القرى والبلدات أبلغوا مسؤولي الحزب برفضهم التام لأي وجود عسكري لـ "حزب الله" في مناطقهم، كما رفضوا الانصياع للأوامر التي كانت تُفرض عليهم سابقًا، وأضاف أن العناصر المنحدرين من هذه المناطق أصبحوا يتفهمون موقف أهاليهم، بل إن بعضهم تخلص من أسلحته الشخصية تجنبًا للاستفزازات.
وأشار عز الدين إلى أن البيئة الحاضنة للحزب لم تكن تقتصر فقط على عناصره وعائلاتهم، بل كانت تشمل أيضًا سكان المناطق الخاضعة لسيطرته، الذين كانوا يتبعون الحزب نتيجة الانجراف وراء شعارات طائفية، إلا أن النزوح الكبير إلى مناطق أخرى غير خاضعة لسيطرة الحزب قد ساهم في تغيير الأفكار السائدة، حيث أصبحت تلك المناطق التي استقبلت النازحين أكثر محايدة أو حتى معارضة لسياسات الحزب.
من جانبه، أكد صلاح منصور، وهو عنصر سابق في "حزب الله"، أن مراكز "القرض الحسن" التي تقدم مساعدات للمتضررين شهدت توترات يومية، حيث أشار إلى أن العديد من المستفيدين من المساعدات اعترضوا على عدم عدالة توزيع الأموال، خاصة مقارنة مع المبالغ التي يتلقاها عناصر الحزب الأساسيين وأسرهم.
وأضاف أن الوضع تفاقم في منطقة البقاع الأسبوع الماضي، حيث نشبت مشادات كلامية وتهديدات بالسلاح بين أهالي بعض البلدات وعناصر الحزب، على خلفية إدخال عائلات من اللاجئين السوريين، معظمهم من عائلات مسؤولي النظام السوري وعناصر الميليشيات الموالية له.
ولفت منصور إلى أن الانتقادات العلنية لـ "حزب الله" عبر منصات التواصل الاجتماعي كانت تعد من المحرمات، وكان من يتجرأ على نشرها يتعرض للمضايقات وأحيانًا للملاحقة من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للحزب.
ويشير إلى أن الوضع تغيّر اليوم، حيث أصبحت العديد من الحسابات تنتقد الحزب علنًا، وهو ما يعكس اتساع دائرة المعارضة حتى داخل البيئة الحاضنة، مع ملاحظة أن هذه الحسابات تحمل أسماء أصحابها الحقيقية بدلًا من الأسماء الوهمية، ما يعكس تحولًا كبيرًا في موقف الجمهور من الحزب.