ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
بعد ساعات فقط من دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في غزة بين حماس وإسرائيل، اندلعت اشتباكات دامية بين الحركة وميليشيات بعضها عشائرية، في صراع "دموي" مبكر على ملء الفراغ، وسط غموض يلف خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على تفاصيل اليوم التالي للحرب.
ومع انسحاب القوات الإسرائيلية الأسبوع الماضي، لتسهيل التوصل إلى اتفاق تم بموجبه إطلاق سراح الرهائن الأحياء الذين ما زالوا محتجزين في غزة، عزّزت حماس قواتها الأمنية خلفها، وهو تأكيد علني على السلطة، وأن الحركة لا تزال القوة الحاكمة في القطاع، بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".
وبدأت تلك القوات على الفور في اتخاذ إجراءات صارمة ضد الميليشيات المتنافسة التي تسيطر عليها عائلات فلسطينية بارزة، واشتبكت في معارك بالأسلحة النارية، كما نفّذت عمليات إعدام علنية أدت إلى نشر الخوف وأثارت المخاوف من أن دوامة العنف الداخلي يمكن أن تجلب الألم الجديد لسكان يعانون منذ فترة طويلة.
ويشير العنف إلى التحديات المقبلة مع تجاوز المحادثات حول خطة ترامب للسلام صفقة الرهائن، إلى المهمة "الأكثر تعقيدًا"، المتمثلة في نزع سلاح حماس واستبدالها بوظائف إدارية وأمنية جديدة، إذ إن استمرار تمسك الحركة بسلطتها سيكون متعارضًا مع متطلبات خطة الرئيس الأمريكي.
وبينما تنقل "وول ستريت جورنال" عن مسؤول إسرائيلي أن تل أبيب التي زوّدت بعض الجماعات المناهضة لحماس بالأسلحة تراقب القتال عن كثب لترى كيف يتطور، فإن الحركة بدأت تستعيد سيطرتها تدريجيًّا على القطاع.
ووفق حسن أبو هنية، المحلل المستقل المقيم في عمّان والمتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، فإن حماس ستكون أكثر جرأة الآن لـ "تثبت للعالم الخارجي أنه لا أحد يستطيع إزاحتها، ولا قوة تستطيع تحدّيها".
وتآكلت سلطة حماس بشدة نتيجة الدمار الذي لحق بغزة بعد أن هاجمت إسرائيل في الـ7 من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ أصبح الفلسطينيون اليائسون من إنهاء الحرب أكثر جرأة في التعبير عن غضبهم من الحركة التي يعتقد كثيرون أنها أطالت القتال دون داع لحماية مصالحها وتجنب الاستسلام.
واستغلّت عائلات بارزة وجماعات مسلحة أخرى الوضع، فتحدَّت حماس علنًا، وتحرّكت لفرض سيطرتها في مناطقها. كما سلّحت إسرائيل بعض هذه الجماعات، مثل "أبو شباب" في منطقة رفح جنوب قطاع غزة، في محاولة لإضعاف قبضة حماس أكثر.
وتردّ الآن حماس بقوة، مستغلة توقف الحرب لتحويل تركيزها من العمليات العسكرية ضد إسرائيل، إلى انتشار قوات الأمن الداخلي بهدف إعادة بسط سيطرتها على القطاع.
لطالما خطّطت حماس لفرصة إعادة تأكيد وجودها، وتنقل "وول ستريت جورنال" عن حسام بدران، عضو المكتب السياسي لحماس، بأن الحركة بدأت العمل على إنشاء قوة شرطة جديدة لمكافحة ما وصفه بـ "النهب ورفع الأسعار".
وفي الآونة الأخيرة، خلال مفاوضات مع إسرائيل، جادلت حماس بأنها مستعدة للتخلي عما سمَّته أسلحة هجومية، مثل: أنظمة الصواريخ، ولكن ينبغي السماح لها بالاحتفاظ بأسلحة دفاعية، مثل: البنادق الهجومية، وفقًا لوسطاء عرب. وكان من بين شواغل الحركة الحاجة إلى صدّ الجماعات المسلحة المنافسة.
ودأبت حماس على جمع معلومات استخباراتية عن جماعات فلسطينية مسلحة أخرى وأعضائها، إذ وثّق تقرير صادر عن وزارة الداخلية في يوليو/تموز 2025 عددًا منها ومناطق عملياتها. وخلص التقرير _على سبيل المثال_ إلى أن اثني عشر فصيلًا مسلحًا صغيرًا أعاد تنظيم صفوفه في منطقة خاضعة للسيطرة الإسرائيلية للعمل مع زعيم الميليشيا ياسر أبو شباب.
كما وصف التقرير مقاتلًا منافسًا يُزعم أنه مطلوب في جريمتي قتل، وكان يتنقل دائمًا بسيارة كيا سورينتو بيضاء، وكان يتمتع بشخصية "حقودة للغاية".
ويخشى بعض الفلسطينيين من أن تذهب حماس بعيدًا جدًّا، وأن تواجه غزة المصير ذاته الذي واجهته أماكن أخرى، حيث أدت الجهود التي تبذلها القوى الخارجية لفرض ترتيبات سياسية جديدة إلى تمرد أو ما هو أسوأ.
ووفق محمد هدية، وهو محامٍ فلسطيني ووسيط يعمل على حل النزاعات الداخلية الفلسطينية، أن هناك قلقًا متزايدًا بشأن الاضطرابات. وأضاف عن سكان غزة: "إنهم يخشون الحرب الأهلية. هذا أمر خطير للغاية. لقد بدأ بالفعل".