في ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجهها الحكومة السورية، يُعد تعهد الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات تدريجيًّا وتقديم الدعم المالي في مؤتمر بروكسل فرصة حاسمة لإعادة بناء سوريا وتهيئة بيئة مناسبة لعودة النازحين.
ووفقًا لخبراء، يعتبر تخفيف الضغط على الإدارة السورية مرهونًا بتزامنها مع تحقيق مطالب المجتمع الدولي، والتي تشمل عملية سياسية انتقالية تشمل جميع مكونات الشعب السوري، والعدالة الانتقالية، وحماية المدنيين.
وفي هذا السياق، يرى خبراء أن النجاح في هذه المرحلة يتطلب من الحكومة السورية إظهار التزام حقيقي بإجراء الإصلاحات اللازمة، بما في ذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية تعكس التنوع السوري، وتفعيل مشاركة المجتمع المدني في عملية البناء.
بالإضافة إلى ذلك، يحتاج الاقتصاد السوري إلى تحفيز فوري من خلال وضع خطط تنموية فعّالة، لتوليد فرص اقتصادية جديدة ودعم الاستقرار الداخلي، وهذا الأمر سيفيد السوريين داخل البلاد ويشجع النازحين على العودة.
من جانب آخر، يعتبر تحسين العلاقات مع القوى الإقليمية والدولية أمرًا حاسمًا لدعم استقرار سوريا على المدى الطويل، ويُعتقد أن التزام الحكومة السورية بتنفيذ هذه الإصلاحات لن يساعد على تسريع رفع العقوبات فحسب، بل سيسهم أيضًا في تعزيز الثقة العالمية بالحكومة السورية؛ ما يمهد الطريق لجذب المزيد من الاستثمارات الدولية.
وفي هذا السياق، قال الأكاديمي الدكتور مهيب صالحة، إن الاتحاد الأوروبي كان علق عقوباته على سوريا لمدة عام في مجالات الطاقة والنقل وعمليات البنوك لأغراض إعادة الإعمار.
وأوضح أنه في مؤتمر بروكسل الذي عقد في الـ17 من مارس/أذار، تعهد الاتحاد برفع العقوبات تدريجيًّا وتقديم مساعدات لسوريا بقيمة 5.8 مليار يورو، تتوزع بين 4.2 مليار هبات و1.6 مليار قروض.
وأضاف صالحة، لـ"إرم نيوز"، أنه رغم ذلك، ربط الاتحاد رفع العقوبات بتقدم العملية السياسية الانتقالية ومشاركة جميع مكونات الشعب السوري والالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية.
وأوضح أن تخفيف الضغط على الحكومة السورية يعتمد على استجابتها للطلبات الأوروبية والعربية والدولية في اجتماعات العقبة وجدة وباريس وبروكسل، بالإضافة إلى التزامها بالوعود المتعلقة بالمشاركة الوطنية، وتحقيق العدالة الانتقالية وحماية المدنيين.
وأكمل صالحة قائلًا، إن الحكومة السورية تسعى لتنفيذ الوعود التي قطعتها في إطار المسار الدستوري، بدءًا من مؤتمر الحوار الوطني وصولًا إلى الإعلان الدستوري، مع ضرورة تسريع تشكيل حكومة وحدة وطنية تعكس تنوع المجتمع السوري.
وتوقع أن يسهم ذلك في تعزيز الاستقرار الداخلي والقبول الدولي؛ ما يساعد على تدفق الأموال ورفع العقوبات، تمهيدًا لبدء عملية إعادة الإعمار وعودة النازحين واللاجئين إلى سوريا. وأشار إلى أن عدم تحرك الحكومة بجدية قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات والانقسامات؛ ما يهدد استقرار البلاد.
من جانبه، يرى الناشط الحقوقي نضال هواري أن الحكومة السورية تواجه مرحلة حاسمة تتطلب التركيز على إعادة البناء والترميم الاقتصادي وتعزيز علاقاتها الدولية.
ويعتبر أن تعهد الاتحاد الأوروبي بدعم سوريا في مؤتمر بروكسل يمثل فرصة حقيقية لإعادة تنشيط الاقتصاد وجذب الاستثمارات الخارجية.
وأوضح، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أنه يتعين على الحكومة وضع خطط تنموية واضحة لتعزيز الاستقرار الداخلي، بما في ذلك إعادة بناء البنية التحتية المتضررة من الحرب، وتوفير بيئة ملائمة لعودة النازحين والمستثمرين.
وأشار إلى أن كسب التأييد الدولي يعد أمرًا بالغ الأهمية لتثبيت موقع الحكومة على الساحة العالمية، ويشمل ذلك تحسين العلاقات مع القوى الإقليمية والدولية وتعزيز ثقة المجتمع الدولي. وأكد أن تسريع رفع العقوبات سيسهم في تحريك عجلة الاقتصاد السوري وتعزيز التعاون مع الجهات الدولية المانحة.
وختم بقوله، إن الحكومة يجب أن توفر حلولًا عملية لعودة النازحين من خلال تأمين مساكن ملائمة وإعادة تأهيل المناطق المتضررة؛ ما يسهم في استقرار سوريا ويشجع السوريين على العودة والمشاركة في عملية إعادة الإعمار.