تهدد الخطة الإسرائيلية المتعلقة بغمر أنفاق حركة حماس في قطاع غزة بالمياه، بكارثة كبيرة على منازل سكان القطاع والبنية التحتية له، إضافة إلى المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها التربة والخزان الجوفي من ذلك.
ولا يعرف عدد الأنفاق التي شيدتها "كتائب القسام" الجناح المسلح لحركة حماس في مختلف مدن قطاع غزة؛ إلا أن إسرائيل أعلنت أنها دمرت خلال اجتياحها البري لمدينة غزة المئات منها، وأكدت أنها ستواصل العمل من أجل استهدافها.
وحسب تقارير دولية، فإن إسرائيل أقامت نظامًا كبيرًا من المضخات قد يستخدم لغمر أنفاق حماس بالقطاع، وذلك في محاولة لإخراج عناصر جناحها المسلح، إذ أكمل الجيش الإسرائيلي وضع ما لا يقل عن خمس مضخات على بعد ميل تقريبًا للشمال من مخيم الشاطئ للاجئين.
ويمكن لتلك المضخات نقل آلاف الأمتار المكعبة من المياه في الساعة وإغراق الأنفاق في غضون أسابيع، فيما لم يتضح ما إذا كانت إسرائيل ستفكر في استخدام المضخات قبل إطلاق سراح جميع الرهائن، وفق ذات التقارير.
تحذير فلسطيني
وحذر وزير الأشغال العامة والإسكان الفلسطيني، محمد زيارة، من "المخاطر المترتبة على المخطط الإسرائيلي"، مؤكدًا في تصريح صحفي له، أن ذلك يمثل "أداة قتل جديدة في الحرب الإسرائيلية على غزة".
وقال "زيارة"، إن "الطبيعة الرملية لتربة القطاع تجعلها عرضة للعديد من المخاطر في حال ضخ مياه البحر بالأنفاق، وهذا المخطط سيؤدي لانهيار البنية التحتية بالمناطق المستهدفة، وخاصة انهيار المباني السكنية نتيجة لانهيار الأنفاق والتربة المحيطة بها".
وأكد أن "هذا المخطط سيسفر عن تدهور خطير بالأوضاع الإنسانية، وسيزيد من الخسائر بالأرواح نتيجة انهيار المباني السكنية بالمناطق المأهولة"، محذرًا من مخاطر أخرى تتعلق بتلوث المياه الجوفية نتيجة لاختلاطها بمياه البحر والمياه العادمة.
وشدد الوزير الفلسطيني، على أن "مثل هذا المخطط سيؤدي لآثار سلبية تؤثر على التنوع الحيوي وتلوث البيئة في القطاع، مما يعزز تفاقم الأزمة الإنسانية المتزايدة بقطاع غزة"، على حد قوله.
كارثة كبرى
وفي السياق، يقول المختص في الإنشاءات الهندسية والتربة، نضال الكيلاني، إن "مثل هذا المخطط خطير للغاية وسيؤدي لكارثة كبرى تطال جميع المباني السكنية بقطاع غزة دون استثناء، وسيصبح القطاع غير صالح للحياة".
وأوضح الكيلاني، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "الخطر في ذلك هو أن التربة ستخرج عن الخدمة وسيكون من الصعب إنشاء أي مباني سكنية فوقها، حيث ستكون مشبعة بالمياه، ولا تحتمل أي إنشاءات أو بنى تحتية".
وبين أنه "كل تصميم هندسي وبناء يتم إعداد دراسة لقدرات التحمل والطبقات الجيولوجية الخاصة به، وأن عملية اشباع التربة بالمياه يؤدي لتفكك تماسك المكونات الجيولوجية للتربة، وفقدان قدرتها على حمل تلك المباني".
وأضاف: "غمر تربة غزة بالمياه يعني انهيارها وتدمير كامل البنية التحتية وانهيار المباني القائمة في الوقت الحالي، ما يعني كارثة بيئية وإنسانية كبرى على جميع السكان، بمعنى أن القطاع سيكون غير صالح للحياة".
واستكمل: "بالنسبة للأبنية المستحدثة أيضًا سيكون هناك صعوبة لحفر الأرضية لأي بناء، وستكون الطبقات لزجة ومشبعة تمامًا بالمياه، وبالتالي لن يكون هناك أي منشأة أو بناء سكني يصلح أن يكون قائمًا بالقطاع"، حسب قوله.
عاملان رئيسان
وفي السياق، أكد المختص بالتربة والمياه، عبد القادر الخراز، أن "عاملين رئيسيين سيتأثران بفعل المخطط الإسرائيلي المتعلق بأنفاق غزة"، مشيرًا إلى أن هناك تباينا في آراء المختصين بشأن إمكانية نجاح إسرائيل بهدفها من القضاء على هذه الشبكة.
وقال الخراز، في حديث لـ"إرم نيوز"، إن "العامل الأول يتمثل في أن المخطط سيؤدي للقضاء على جودة المياه الجوفية بشكل مطلق"، متابعًا: "الخزان الجوفي سوف ينهار ويزداد ملوحة وجودته ستكون سيئة للغاية".
وأضاف: "في حال تنفيذ هذا المخطط فلن يكون بقطاع غزة أي مياه جوفية، أو مياه صالح للاستخدام الآدمي على الإطلاق"، وفق تقديره.
وحسب الخراز، فإن العامل الثاني، يتمثل في أن هذا المخطط سيؤدي لتفكك في النظام المتعلق بالمكونات الجيولوجية على مستوى أعماق مختلفة في التربة، متابعا: "التربة ستفقد تماسكها وستكون ضعيفة للغاية".
وتابع: "هذا الأمر خطير جدًا بمعنى أن أي بنية تحتية من شوارع وعمارات ومباني وإنشاءات لن تكون في أمان ومعرضة للسقوط والانهيار في أي لحظة، وستعاني الشوارع من انهيارات أرضية دون أي سبب وسيكون قطاع غزة منطقة للكوارث في أي لحظة".
وشدد على أن "ملوحة مياه البحر وفي حال اختلاطها بهذا الشكل في الخزان الجوفي وفق المخطط الإسرائيلي ستقضي بالتأكيد على إمكانية الاستفادة من أراضي قطاع غزة"، مؤكدًا أن القطاع الزراعي سينهار بالكامل.
