logo
العالم العربي

غزة على مفترق طرق.. نشر القوات الدولية يضع خطة ترامب أمام "حقل ألغام"‎

مقاتل من حماس قرب الخط الأصفرالمصدر: رويترز

بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تحركا لإقرار مشروع قرار عبر مجلس الأمن لإنشاء قوة دولية تعمل في قطاع غزة لمدة عامين، في خطوة تثير جدلاً بسبب مواقف متباينة حول النظرة لها فلسطينيا وإسرائيليا.

ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها أولى خطوات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بناء على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهي المقدمة لإرساء استقرار يمهد لتنفيذ بقية المراحل المرتبطة بالإعمار وإسناد إدارة غزة لما يُعرف بـ"مجلس السلام".

وتختلف التفسيرات الفلسطينية والإسرائيلية لطبيعة الشرعية التي ستحصل عليها هذه القوة، ومناطق انتشارها، ودورها في إدارة شؤون قطاع غزة، وما إذا كانت ستكون مهمة فصل وحفظ سلام، أم ستكون أداة تنفيذية للجهة الحاكمة لغزة بعد الحرب.

أخبار ذات علاقة

قطاع غزة

مشروع قرار أمريكي لمجلس الأمن.. قوة دولية تحكم غزة مطلع يناير المقبل

الموقف الفلسطيني

وترفض حركة حماس التي أصدرت مواقف عدة حول قضية القوات الدولية، أن يكون لها دور تنفيذي في تنفيذ مهام ما بعد الحرب، خاصة المرتبطة بنزع سلاح الحركة، وهي القضية الشائكة في اتفاق وقف إطلاق النار.

وتقول الحركة التي ما زالت تمتلك آلاف المسلحين في قطاع غزة، إنها لن "تقبل بقوات تكون بديلة عن الجيش الإسرائيلي"، وتشترط أن يكون نشر هذه القوات بتفويض أممي.

وتطالب الحركة بأن يكون تموضع القوات الدولية على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل، وأن يكون دورها مقتصرًا على منع اندلاع مواجهة مسلحة من جديد، وهو الموقف الذي تشاطرها فيه حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، ثاني أكبر الفصائل المسلحة في غزة.

من جانبها، تقول حركة فتح إن "الحركة والسلطة الفلسطينية لديهما موقف واضح عرضه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أكثر من محفل، بأن السيطرة الإدارية والقانونية والأمنية في قطاع غزة يجب أن تكون جزءا من السلطة الفلسطينية".

وقال المتحدث باسم فتح ماهر النمورة لـ"إرم نيوز" إن "الجهة التي يجب أن تحكم غزة هي اللجنة الإدارية بمرجعية أن يقودها وزير في الحكومة الفلسطينية في رام الله، وأن تعمل على إرساء مبدأ سلاح شرعي واحد".

وأضاف "نريد أن تكون القوات الدولية على الحدود ما بين قطاع غزة والمناطق التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، وأن يكون دورها فرض الأمن هناك ومنع الاحتلال من الاختراقات اليومية".

وتابع "أما داخل قطاع غزة، وفي القضايا الداخلية، فلا نريد تلبية مخططات الاحتلال لفصل قطاع غزة سياسيا وجغرافيا عن الضفة، وما المانع أن تكون أجهزة الأمن الفلسطينية هي المسؤولة عن فرض الأمن في القطاع".

أخبار ذات علاقة

صورة التقطتها طائرة بدون طيار تُظهر حيًا سكنيًا في مدينة غزة

تشمل تشكيل "شرطة فلسطينية".. تفاصيل الخطة الأمريكية بشأن القوة الدولية في غزة

مخاوف شعبية

ويدفع غموض آلية عمل القوة الدولية، وصلاحياتها في إدارة قطاع غزة الفلسطينيين لحالة من الاستقطاب بشأن القبول بفكرة نشرها في غزة.

وقالت السيدة سلمى عامر لـ"إرم نيوز" إن "ذلك قد يسهم في حفظ الأمن والاستقرار، خاصة في ظل ما يشهده القطاع من انفلات أمني، وعمليات سطو وسرقة، نتيجة غياب دور الأجهزة الأمنية والحكومة في هذه المرحلة".

لكن الفلسطيني أحمد أبوناموس، يرى أن الصيغة الغالية لفكرة القوة الدولية تكرس الاحتلال الإسرائيلي لغزة. وقال: "نحن نبحث عن استقلال فلسطين، لا عن احتلال جديد بصيغة مختلفة".

"قوة مُركبّة"

وقال المحلل السياسي أشرف عكة إننا "أمام المرحلة الثانية من خطة ترامب، التي تركّز على إعادة تشكيل البيئة السياسية والأمنية في قطاع غزة".

وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "القوة الدولية المقترح إدخالها إلى غزة ليست قوة حفظ سلام تقليدية، بل قوة أمنية-سياسية مركّبة هدفها الأساسي ضبط السلاح، وتأمين إعادة الإعمار، ومنع تحوّل غزة مجددًا إلى ساحة اشتباك".

وتابع "هذه القوة قد تأخذ عدة أشكال، منها: قوة تنفيذية بموجب البند السابع، أو إدارة أممية انتقالية كما جرى في كوسوفو وتيمور الشرقية، أو بعثة أممية إقليمية مشتركة، وبحسب تقديره، فإن الاتجاه يسير نحو شراكة بين الأمم المتحدة وترتيبات إقليمية بدعم مجلس الأمن".

وأوضح أن "أي خيار دولي يتطلب خطة واضحة لبناء شرعية فلسطينية داعمة، وتفويضا متفقا عليه لتجنّب صراعات مستقبلية"، مشيرا إلى أن هناك توافقا مبدئيا على فكرة القوة الدولية، لكن الخلاف ما زال قائمًا حول طبيعتها، وصلاحياتها، ومدّة عملها.

أخبار ذات علاقة

شاب يقف وسط قطاع غزة المدمر جراء الحرب

مصادر فلسطينية ترجح نشر القوة الدولية في غزة نوفمبر المقبل

"انتداب مقنّع"

من جانبه، اعتبر المحلل السياسي مصطفى إبراهيم، أن مشروع القرار الأمريكي المقدم بصيغته الحالية إلى مجلس الأمن يمثل عملية "انتداب مقنّع"، معتبرًأ أنه يتجاوز إرساء السلام في غزة.

وقال إبراهيم لـ"إرم نيوز" إن "المشروع الأمريكي يكرّس وصاية دولية أو انتدابا مقنّعا على الأراضي الفلسطينية، رغم ما يُروّج له بأنه مؤقت ويستمر لعامين فقط"، مؤكدًا أن مضامينه تمنح تلك القوة سيطرة شاملة على الحياة المدنية والأمنية داخل القطاع، دون أي دور فعلي للفلسطينيين.

وتابع "المشروع لا يسمح بقيام أي كيان فلسطيني في غزة، وقد يفتح المجال أمام إسرائيل للتحرك الأمني داخل القطاع، بما يشمل ملاحقة أفراد وتوسيع نفوذها تحت مظلة "الاستقرار الأمني".

وشدد على ضرورة أن تتدخل الدول العربية والإسلامية لتعديل بنوده، وتحويله إلى جزء من كيانية فلسطينية تمهد لتوحيد الضفة الغربية وقطاع غزة، تحت سلطة واحدة.

وقال إن "على السلطة الفلسطينية أن تتحرك بشكل عاجل والخروج من حالة العجز وسياسة الانتظار"، معتبرًا أنه "يجب رفض تحويل السلطة إلى مجرد حارس أمني في الضفة الغربية وقطاع غزة، يخدم الشروط والمعايير التي تفرضها الإدارة الأمريكية والإسرائيلية"، وفق قوله.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC