مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان

logo
العالم العربي

"لا يثق بتصريحاته".. ما الذي دفع العاهل الأردني للحديث عن نتنياهو؟

من لقاء سابق بين الملك عبد الله ونتنياهوالمصدر: (أ ف ب)

دخلت العلاقات الأردنية الإسرائيلية مرحلة جمود طويلة الأمد بعد أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، قبل تصريحات أخيرة للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني حول إسرائيل.

وازدادت هذه العلاقات تعقيدًا بعد تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مشروع "إسرائيل الكبرى"، الذي يشمل – وفق تصوره – أجزاء من الأردن ومصر.

وقال الملك عبد الله الثاني قبل أيام إنه لا يثق بنتنياهو، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان قرار عمّان سحب سفيرها من تل أبيب ورفضها عودة السفير الإسرائيلي سيبقى قائمًا إلى أجل غير مسمى.

 

أخبار ذات علاقة

الملك عبدالله الثاني

العاهل الأردني: الحكومة الإسرائيلية ليست شريكا في السلام

وتأججت الخلافات والتوتر الأردني الإسرائيلي، رغم "اتفاق السلام" (وادي عربة 1994)، بعد تكرار الحوادث الأمنية على الحدود، في ظل مناخ إقليمي محتقن.

وفي مقابلة مع قناة "بي بي سي"، قال الملك عبد الله، إن "الشرق الأوسط محكوم عليه بالهلاك ما لم يتم التوصل إلى عملية سلام تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة".

وفي سياق المقابلة، التي تزامنت مع قمة شرم الشيخ الأسبوع الماضي، أضاف الملك عبد الله: "لا أثق بشيء مما يقوله نتنياهو، لكن هناك إسرائيليون يمكن للقادة العرب التعامل معهم لبناء السلام"، في إشارة إلى أن المشكلة تكمن في شخص نتنياهو ونهجه، لا في الشعب الإسرائيلي أو مبدأ السلام ذاته.

تراكمات طويلة

ويرى السفير الأردني السابق زياد المجالي، أن تصريحات الملك "لم تكن انفعالية ولا ردة فعل عابرة، بل نتيجة تراكمات طويلة من سياسات إسرائيلية متطرفة قادها نتنياهو منذ منتصف التسعينيات، وأدت إلى تآكل فرص السلام في المنطقة".

وأضاف المجالي في حديثٍ لـ"إرم نيوز"، أن "حديث الملك عبد الله يحمل رسائل متعددة الاتجاهات: أولًا إلى واشنطن، مفادها أن السياسات الإسرائيلية الحالية تُسمم أجواء السلام وتدفع نحو مزيد من التطرف في المنطقة، وثانيًا إلى الناخب الإسرائيلي، بأن استمرار التصويت لصالح الحكومات اليمينية سيجعل إسرائيل أكثر عزلة وأقل قدرة على تحقيق سلام حقيقي مع جيرانها العرب".

وأشار إلى أن "موقف الأردن لا يختلف عن مواقف عربية أخرى متزنة، مثل الإمارات والسعودية، اللتين أكدتا مرارًا أن التطبيع أو التعاون الإقليمي لا يمكن أن يتقدّم دون التزام إسرائيلي واضح بحل الدولتين، مؤكدًا أن هذا التوجه العربي الموحّد يشكّل اليوم ضغطًا متزايدًا على حكومة نتنياهو".

ولدى سؤاله عما إذا كانت عمّان سترهن علاقاتها الدبلوماسية بزوال نتنياهو من المشهد، قال المجالي إن الأمر "مرتبط بمدى استعداد إسرائيل للتخلي عن نهج التطرف، والاعتراف بأنه لا أمن ولا استقرار في الشرق الأوسط دون عدالة للفلسطينيين".

 

 

"توتر وريبة"

من جانبه، يرى المحلل السياسي بلال العضايلة أن تصريحات الملك الأخيرة ليست الأولى التي تُظهر عمق الخلاف مع نتنياهو، "فمنذ إرهاصات صفقة القرن عام 2019، حذر الملك من صدام كبير في حال أقدمت إسرائيل على ضم غور الأردن، وكان ذلك إنذارًا مبكرًا لما وصلنا إليه اليوم".

وأضاف العضايلة لـ"إرم نيوز"، أن "السمة الغالبة على علاقات الأردن بالحكومات الإسرائيلية الليكودية هي التوتر والريبة"، مشيرًا إلى أنه حتى في الحروب السابقة على غزة (2012، 2014، 2021) لم تُسحب السفراء، أما الآن فالوضع مختلف لأن القطيعة تحمل طابعًا سياسيًا بحتًا وتعكس انعدام الثقة الأردنية بنتنياهو.

واعتبر أن "تعليق العمل الدبلوماسي الحالي يشير إلى حالة استعصاء سياسي وجفاف في قنوات الاتصال، وأن عودة العلاقات إلى طبيعتها لن تحدث قبل التوصل إلى هدنة مستقرة في غزة، وهو أمر قد يستغرق عامًا أو أكثر بالنظر إلى التعقيدات الداخلية في إسرائيل ودخولها أجواء الانتخابات المقررة في أكتوبر 2026".

واللافت في حديث الملك الأردني، كما يشير العضايلة، أنه "رغم فقدانه الثقة بنتنياهو، أشار إلى وجود "مسؤولين إسرائيليين يمكن للقادة العرب التعامل معهم، وهي إشارة سياسية ذكية يمكن قراءتها كبابٍ لاحتمال تحسّن العلاقات في حال تغير القيادة في تل أبيب".

ويعني ذلك أن عمّان لا تُغلق الباب نهائيًا أمام إسرائيل، لكنها تربط الانفتاح بتبدّل السياسات لا الأشخاص فحسب، وبمدى جدية الطرف الإسرائيلي في استئناف عملية السلام وفق المرجعيات الدولية.

وبعد مرور عامين على سحب السفير الأردني، يظهر أن العلاقات بين عمّان وتل أبيب لا تزال في حالة تجميد، لا قطيعة رسمية كاملة، ولا عودة إلى "الدفء الدبلوماسي".

وكانت الحكومة الأردنية قد طلبت في الأسبوع الأول من أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 مغادرة بعثتها الدبلوماسية من تل أبيب، ورفضت عودة السفير الإسرائيلي إلى الأردن.

 

أخبار ذات علاقة

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني

العاهل الأردني: نحتاج قرارات حاسمة ورادعة لمواجهة التهديد الإسرائيلي

وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته، أكدت وزارة الخارجية الأردنية أن السفير الإسرائيلي لن يعود إلى عمّان، وأن عودة التمثيل الدبلوماسي الكامل مرهونة بـ"وقف العدوان على غزة ومعالجة الكارثة الإنسانية هناك".

ولم تهدأ الأجواء بعدها، إذ تكررت الحوادث الأمنية على معبر الكرامة (جسر الملك حسين) الذي يمثل الشريان الحيوي بين الأردن والضفة الغربية، ففي سبتمبر/أيلول 2024 قُتل 3 إسرائيليين في إطلاق نار نفذه سائق شاحنة أردني على المعبر، تلاه حادث آخر في سبتمبر/أيلول 2025 أسفر عن مقتل جنديين إسرائيليين، ما فاقم حساسية الملف الأمني وأعاد الجدل حول مستقبل العلاقة بين البلدين.

وجاءت تلك الأحداث بعد سلسلة تصريحات إسرائيلية مثيرة للجدل، أبرزها تصريحات نتنياهو حول ما سماه "مشروع إسرائيل الكبرى"، التي ألمحت إلى توسيع النفوذ الإسرائيلي على أجزاء من الضفة الغربية وحتى مناطق تُعد منزوعة السلاح قرب الحدود الأردنية، وقد اعتُبرت في عمّان تجاوزًا لخطوط حمراء تمس الأمن القومي الأردني مباشرة. 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC