الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
دخل التصعيد الأمريكي ضد فنزويلا مرحلة جديدة، بعد أن قررت إدارة ترامب إدراج "كارتل الشموس" على قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" (FTO) اعتباراً من 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، بقرار وقعه وزير الخارجية ماركو روبيو ونُشر في السجل الفدرالي الأمريكي.
يأتي هذا التصنيف بعد حشد عسكري غير مسبوق في الكاريبي، وضربات بطائرات من دون طيار ضد قوارب يُشتبه في تهريبها للكوكايين، وتضييق اقتصادي وجوي حاد على كاراكاس، ما يعيد إلى الأذهان تكتيكات "الحرب على الإرهاب" في الشرق الأوسط، لكن بواجهة جديدة عنوانها "الكارتلات الإرهابية".
سلاح قانوني لشرعنة القوة
بحسب بيان وزارة الخارجية الأمريكية، يُنظر الآن إلى "كارتل الشموس" بوصفه "منظمة إرهابية أجنبية" بموجب المادة 219 من قانون الهجرة والجنسية، ما يضعه على اللائحة نفسها مع "القاعدة" و"داعش".
هذا التصنيف يترتب عليه ثلاث حزم أساسية من الأدوات، وفقا لمراقبين، بدءا بتجريم أي دعم مادي أو لوجستي للكارتل من جانب أفراد أو كيانات تقع تحت الولاية الأمريكية، بما في ذلك التمويل والتجهيز والتجنيد، وثانيا تجميد الأصول والحسابات المرتبطة بشخصيات يُعتقد أنها جزء من الشبكة، وتوسيع نطاق العقوبات السابقة التي فرضتها وزارة الخزانة ضد مسؤولين يشتبه بتورطهم في التهريب. وثالثا توسيع المبرر الأمني لاستخدام القوة ضد أهداف مرتبطة بالتنظيم، تحت عنوان "مكافحة الإرهاب" لا "مكافحة المخدرات" فقط، وهو ما لمّح إليه وزير الدفاع بيت هيغسِث حين قال إن التصنيف "يفتح أمام الولايات المتحدة مجموعة كاملة من الخيارات الجديدة".
مع ذلك، يشير باحثون إلى أن "كارتل الشموس" ليس كارتل مركزي بالمعنى الكلاسيكي، بل تسمية فضفاضة تُستخدم منذ التسعينيات للإشارة إلى ضباط ومسؤولين متورطين في تهريب المخدرات مستفيدين من مناصبهم، وأن مؤسسات مثل مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات و"DEA" لم تعترف به في تقاريرها كتنظيم هرمي واضح.
بمعنى آخر، واشنطن لا تلاحق "منظمة" بالضرورة، بقدر ما تستخدم مصطلحا سياسيا – أمنيا لتوسيع هامش الحركة ضد الدولة الفنزويلية نفسها، بعدما ربطت صراحة بين الكارتل والرئيس نيكولاس مادورو وقيادات من جيشه.
من "الحرب على المخدرات" إلى إسقاط مادورو
إدارة ترامب قدمت التصعيد على أنه جزء من "حرب على المخدرات" تحمي الأمريكيين من الكوكايين القادم من الكاريبي، لكنها في الوقت نفسه أعادت صياغة مفهوم "الإرهاب" ليمتد إلى شبكات الجريمة المنظمة في أمريكا اللاتينية، بما في ذلك "كارتل الشموس" وعصابة "ترين دي أراغوا" التي صُنفت أيضا منظمة إرهابية.
هذا المزج بين "الإرهاب" و"المخدرات" يمنح البيت الأبيض، وفقا للمراقبين، سردية جاهزة لتبرير أي تصعيد عسكري مقبل؛ فبدلا من الحديث عن "تغيير نظام معادٍ" يُقدم التدخل بوصفه ضربات وقائية ضد "شبكة إرهابية" تهرب السموم إلى الشوارع الأمريكية.
بالتوازي، تتحدث تقارير مراكز أبحاث ومنظمات دولية عن أن الحشد البحري والجوي الأمريكي في الكاريبي، وما يرافقه من عقوبات متشددة وتقييد لحركة الطيران من وإلى فنزويلا، يبدو جزءا من خطة أوسع لـ"دفع الأمور نحو لحظة انهيار أو انقلاب داخلي" في كاراكاس، لا مجرد حملة ضغط لانتزاع تنازلات في ملف الانتخابات أو النفط.
كاراكاس من جانبها وصفت التصنيف بأنه "كذبة سخيفة"، واتهمت واشنطن بتلفيق ذريعة لإسقاط النظام البوليفاري بالقوة، فيما انضمت كوبا ودول أخرى إلى التحذير من أن التلويح بخيار عسكري سيُدخل القارة في دوامة عدم استقرار خطيرة.
هل تمهّد واشنطن للإطاحة بمادورو؟
وفقا لخبراء، كل المؤشرات تفيد بأن تصنيف "كارتل الشموس" إرهابيا هو جزء من بناء ملف قانوني – سياسي يربط مادورو شخصيا بـ"تنظيم إرهابي"، بما يسمح للإدارة الأمريكية بالقول إن إسقاطه – إن حدث – هو امتداد طبيعي لـ"الحرب على الإرهاب"، لا لسياسة تغيير الأنظمة المكروهة داخليا بعد تجربتي العراق وأفغانستان.
لكن ما هي الوسيلة الأرجح؟ يمكن تلخيص السيناريوهات التي يناقشها المراقبون في ثلاث دوائر متداخلة؛ أولها خنق تدريجي مع رهان على الانقلاب الداخلي. فالتصنيف الإرهابي، والعقوبات المالية، والملاحقات القضائية لمسؤولين فنزويليين، تهدف إلى جعل بقاء مادورو "عبئا" على النخبة العسكرية والاقتصادية، بحيث يصبح الانقلاب أو الانتقال الداخلي بديلا أقل كلفة من الصمود تحت الحصار.
تقارير مثل "مجموعة الأزمات الدولية" و"مجلس العلاقات الخارجية" تحذر من أن هذه الاستراتيجية قد تدفع الجيش إلى الانقسام، لا إلى تسوية منظمة، ما يفتح الباب لحرب أهلية وانهيار مؤسسات الدولة.
أما السيناريو الثاني، فيتمثل في استخدام محدود للقوة تحت شعار مكافحة الإرهاب. خاصة أن وجود حاملة طائرات ومدمرات وغواصة نووية في الكاريبي، إلى جانب ضربات "الدرونز" ضد قوارب يُقال إنها تهرب الكوكايين، يوحي بأن واشنطن تهيئ الرأي العام والقانون الدولي لعمليات أوسع مستقبلا، بهدف ضرب معسكرات يُزعم أنها تابعة لـ"كارتل الشموس"، أو منشآت تُقدَّم أنها "بنية تحتية إرهابية" مرتبطة بمادورو، وربما عمليات خاصة في الموانئ أو حقول النفط الحساسة.
هذه العمليات يمكن أن تبقى تحت سقف "التدخل المحدود"، لكنها تحمل في طياتها خطر الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة إذا قررت كاراكاس الرد أو إذا امتد الصراع إلى كولومبيا والبرازيل المجاورتين، كما حذرت تحليلات عديدة.
ويفترض السيناريو الثالث غزوا واسع النطاق، وهو وفقا للمحللين احتمال قائم، لكن كلفته السياسية باهظة. ويُستحضر اليوم في واشنطن شبح "بنما" و"غرينادا"، لكن البيئة الدولية مختلفة جذريا؛ فالرأي العام الأمريكي منهك من الحروب الطويلة، والحلفاء في أمريكا اللاتينية منقسمون، وخصوم الولايات المتحدة – من روسيا إلى الصين – مستعدون لاستثمار أي تدخل عسكري كبير لتعميق عزلة واشنطن.
تقارير حقوقية وسياسية تحذر من أن غزوا واسعا لفنزويلا قد يتحول إلى حرب استنزاف طويلة، مع مئات آلاف اللاجئين، وارتدادات أمنية على دول الجوار. لذلك؛ يميل معظم المراقبين إلى أن السيناريو الأكثر ترجيحا هو مزيج من: استمرار الحصار الاقتصادي والمالي، تكثيف الضربات المحدودة ضد أهداف تُربط بـ"كارتل الشموس"، مع رهان سياسي – استخباري على شرخ داخل المؤسسة العسكرية يُسقط مادورو من الداخل، لا عبر إنزال المارينز في كاراكاس.
وفق هذه المعادلة، يتحول تصنيف "كارتل الشموس" إلى حجر الزاوية الذي يربط بين "الحرب على المخدرات" و"الحرب على الإرهاب" و"حلم تغيير النظام"، في سياق قد يدفع فنزويلا والمنطقة بأكملها إلى حافة مواجهة لا يمكن التنبؤ بنتائجها، بحسب تحذيرات المحللين.