صعّد الجيش الإسرائيلي من وتيرة عملياته في المنطقة التي يسيطر عليها من قطاع غزة، والتي تُعرف بالمناطق الواقعة داخل "الخط الأصفر"؛ ما تعتبره حركة حماس "انتهاكا" للاتفاق، وتعده إسرائيل "ضرورة أمنية".
وبعد أيام من سريان اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عادت إسرائيل لتنفيذ عمليات نسف واسعة في المناطق الواقعة داخل "الخط الأصفر"، كما باتت تشن بشكل يومي عمليات قصف من الطائرات والدبابات لتلك المناطق.
وأكدت حركة حماس مرارا أن المناطق الواقعة داخل "الخط الأصفر" التي تمثل أكثر قليلا من نصف مساحة قطاع غزة مشمولة باتفاق وقف إطلاق النار، وأن الإجراءات الإسرائيلية فيها تعد خرقا للاتفاق.
وتبرر إسرائيل عملياتها اليومية داخل منطقة "الخط الأصفر" بأنها "ضرورات أمنية" تعمل بموجبها على منع السكان الفلسطينيين من العودة لتلك المناطق، وكذلك استهداف أنفاق تابعة لحركة حماس في مناطق قريبة من الحدود الشرقية مع إسرائيل.
ويربط المحلل السياسي ثابت العمور، الاختراقات الإسرائيلية للتهدئة وتصعيد العمليات العسكرية في مناطق "الخط الأصفر" بأنها محاولة لتكرار سيناريو اتفاق وقف إطلاق النار مع ميليشيا "حزب الله" في لبنان.
وقال العمور لـ"إرم نيوز" إن "استمرار القصف الإسرائيلي في المنطقة المعروفة بالمنطقة الصفراء، يهدف بشكل رئيس إلى تدمير ما تبقى من البنية التحتية والمنازل، في محاولة لإعاقة عودة السكان في حال إتمام الجيش الإسرائيلي انسحابه من غزة".
وأضاف "هذه الخروقات لا تعني انهيار اتفاق وقف إطلاق النار، ولا عودة الحرب بشكل شامل، بل هي جزء من استراتيجية لإسرائيل لترسيم معادلة اشتباك جديدة تشبه إلى حد بعيد السيناريو اللبناني، حيث تسمح العمليات العسكرية المحدودة باستهداف مقدرات وعناصر الفصائل الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة دون إنهاء الاتفاق".
واعتبر أن تبرير إسرائيل لعملياتها باستهداف أنفاق حركة حماس، بأنه مجرد محاولة لخلق ذرائع تقدمها تل أبيب للوسطاء من أجل عدم الخروج بمظهر المعيق لتطبيق الاتفاق.
وتابع، "الخروقات الإسرائيلية لم تقتصر على القصف فقط، بل تشمل أيضا عدم تنفيذ استحقاقات الاتفاق المتعلقة بفتح المعابر، وإدخال المساعدات، وتمكين سفر المرضى والجرحى، بالإضافة إلى تعطيل جهود إعادة الإعمار؛ ما يزيد من تعقيد الأوضاع الإنسانية والسياسية في غزة".
بدوره، قال المحلل السياسي طلال أبو ركبة، إن "إسرائيل تستعجل إنهاء المرحلة الأولى من الاتفاق، التي تتعلق بتسليم الأحياء والأموات بالكامل، وتمارس ضغطا ميدانيا على حركة حماس لتسريع تسليم باقي الجثامين، تمهيدا للدخول إلى المرحلة الثانية".
وأضاف لـ"إرم نيوز"، أن "إسرائيل تريد الوصول للمرحلة الثانية التي تهدف إلى نزع سلاح حركة حماس وتفكيك بنية مقاتليها في قطاع غزة".
وأوضح أبو ركبة، أن "هذه المرحلة تواكب شروط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخمسة لإنهاء الحرب، والتي تشمل، تسليم الرهائن، ونزع السلاح، وإنشاء هيئة لإدارة القطاع بعيدا عن السلطة الفلسطينية وحماس، مع احتفاظ إسرائيل بغلاف أمني داخل غزة".
وقال إن "نتنياهو يسعى للضغط العسكري لفرض مشهد أمني جديد يضمن بقاء جزء من قطاع غزة كمنطقة غلاف أمني لحماية المستوطنات، مع حق المطاردة الساخنة وترتيبات أمنية لمنع التهديدات المستقبلية".
وأضاف أبو ركبة، أن "الهدف الأساسي هو الإسراع في المرحلة الثانية من الاتفاق لتظهر إسرائيل وكأنها انتصرت؛ ما يعزز موقع نتنياهو قبل الانتخابات المقبلة".