السلطات المغربية: ارتفاع عدد قتلى السيول في إقليم آسفي إلى 37
يرى خبراء فرنسيون أن تهديد إسرائيل بإغلاق القنصلية الفرنسية في القدس، في حال مضت باريس بخطوة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، يعكس تحوّل الأزمة من خلاف دبلوماسي إلى مواجهة مباشرة قد تعصف بعقود من العلاقات الثنائية.
واعتبروا في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن القنصلية ليست مجرد بعثة دبلوماسية، بل رمز تاريخي للوجود الفرنسي في القدس الشرقية، وتمثل صلة مباشرة مع الفلسطينيين منذ القرن التاسع عشر.
وأشار الباحثون إلى أن تل أبيب تدرك حساسية هذه الورقة بالنسبة لباريس، لذلك تستخدمها كورقة ضغط قصوى، على غرار التلويح بمصادرة ممتلكات دينية وأثرية تابعة لفرنسا، مثل موقع "قبر الملوك" في القدس الشرقية.
ويرون أن تنفيذ مثل هذه الخطوات سيفتح الباب أمام أزمة غير مسبوقة بين البلدين، قد تمتد إلى التعاون الأمني والعسكري والبحثي، وهي مجالات ظلّت حتى الآن بعيدة عن التوترات السياسية.
وقال لوران بونفوا، الباحث في معهد العلوم السياسية بباريس، إن الأزمة الحالية ليست مجرد خلاف دبلوماسي عابر، بل تعبّر عن تغيّر في موقع فرنسا على الخريطة الدبلوماسية للشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن باريس تحاول منذ سنوات إحياء إرثها التاريخي في المنطقة، حيث طرحت نفسها كـ"وسيط متوازن" بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وأضاف بونفوا في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن تصريح ماكرون الأخير يعكس قناعة فرنسية متزايدة بأن الاستمرار في تجاهل الاعتراف بالدولة الفلسطينية يفقد باريس مصداقيتها أمام العالم العربي وأمام شركائها الأوروبيين الذين اتخذوا خطوات مماثلة (مثل أيرلندا والنرويج).
وأكد أن ردّ الفعل الإسرائيلي الحادّ، عبر التهديد بإغلاق القنصلية الفرنسية، يكشف حجم حساسية إسرائيل تجاه أي تحرك يمنح شرعية أكبر للفلسطينيين في المحافل الدولية. لكنه حذّر في الوقت نفسه من أن "إسرائيل لا تستطيع المضي بعيدًا في القطيعة مع فرنسا، لأن باريس تظل قوة دائمة العضوية في مجلس الأمن ولها ثقل داخل الاتحاد الأوروبي. لكن في حال نُفّذ التهديد، فسيُفتح الباب أمام أزمة غير مسبوقة بين البلدين قد تمتد إلى التعاون الأمني والعسكري والبحثي".
وأشار بونفوا إلى أن الاعتراف الفرنسي لن يغيّر المعادلات الفعلية على الأرض، لكنه يرسخ المكانة الدولية للفلسطينيين، ويشكّل دعمًا قانونيًا وخطوة رمزية مهمة في محافل مثل المحكمة الجنائية الدولية.
من جانبها، قالت مريم بنراد، الباحثة في "إيرمام" ومؤسسة الأبحاث الاستراتيجية، لـ"إرم نيوز": "علينا أن نقرأ الموقف الفرنسي تجاه إسرائيل من زاويتين؛ الأولى: رسالة سياسية إلى الداخل الفرنسي، حيث تحاول باريس طمأنة الرأي العام المتضامن مع الفلسطينيين في ظل الحرب على غزة. والثانية: رهان استراتيجي دولي، حيث تريد فرنسا لعب دور بارز في ملف (حل الدولتين) في وقت يشهد فيه الملف انسدادًا بسبب الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل".
وحذّرت بنراد من أن التهديد الإسرائيلي بإغلاق القنصلية أو مصادرة ممتلكات فرنسية دينية وأثرية في القدس والضفة قد يفتح أزمة دبلوماسية أعمق، بما يضر بالعلاقات الثنائية في مجالات حساسة كالتعاون الأمني والتبادل العلمي. لكنها شددت على أن باريس لن تتراجع بسهولة، لأن أي تراجع بعد هذا الموقف العلني من ماكرون سيضعف هيبتها الأوروبية والدولية.
وأضافت أن هذه الأزمة "قد تكون اختبارًا لمدى استعداد فرنسا لتحويل خطابها السياسي إلى خطوات عملية في مواجهة حكومة نتنياهو التي تسعى إلى خنق أي اعتراف دولي بفلسطين"، معتبرة أن قرار الاعتراف يعكس موقفًا سياسيًا وأخلاقيًا يحتاجه الزمن الراهن، خاصة في ظل المعاناة الإنسانية المستمرة في غزة.