مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان

logo
العالم العربي

طريق واحد و3 عوائق.. السوداني أمام سيناريوهات صعبة في العراق

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السودانيالمصدر: (أ ف ب)

يجد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني نفسه في لحظة سياسية حرجة، تتقاطع فيها نتائج صناديق الاقتراع مع حسابات الإطار التنسيقي، لإبعاده عن الولاية الثانية، وسط ضغوط إيرانية متنامية، ومراقبة أمريكية لمخرجات الانتخابات.  

ورغم أن السوداني ألمح بوضوح، خلال حديثه في منتدى MEPS 2025 في دهوك، إلى استعداده لتحمّل "مسؤولية الولاية الثانية"، إلا أن الطريق لا يبدو معبدًا كما كان يروج مقربون منه، خصوصًا مع بروز معطيات جديدة تُعقد فرص التجديد وتضع شبكة واسعة من التحديات أمام رئيس الوزراء.

ورغم أن "الإعمار والتنمية" تصدر نتائج الانتخابات بـ46 مقعدًا، فإن هذا المكسب السياسي لا يعكس وحده موازين القوة داخل البرلمان الجديد، حيث نجح الإطار التنسيقي في توسيع نفوذه إلى أكثر من 140 مقعدًا عبر تحالفات تمتد من بدر إلى صادقون وقوى متحالفة أخرى.

وهذا التفوق الرقمي جعل الإطار الطرف الممسك بمفاتيح تشكيل الحكومة، بعدما استطاع في انتخابات 2021 ــ رغم امتلاكه 60 مقعدًا فقط ــ تعطيل الفائز الأكبر وإجباره على الانسحاب من المشهد، ما يجعل السوداني بحاجة إلى هندسة دقيقة لتوازنات الإطار نفسه قبل التفكير في أي تحالفات خارجية.

مخاطر الاستعجال

ويقدّم الباحث السياسي حيدر الجوراني لـ"إرم نيوز" قراءة لافتة في هذا الإطار، إذ يرى أن "اللحظة الراهنة لا تقاس بمنطق الغلبة، بل بمنطق التعايش المرحلي الذي يسمح للسوداني بالحفاظ على ائتلافه وتثبيت حضوره السياسي قبل الدخول في معادلات الائتلافات العميقة".

 ويشير إلى أن "السوداني في هذه المرحلة لا يبحث عن مكسب دورة ثانية بقدر ما يسعى إلى ترسيخ موقعه داخل كتلة قادرة على البقاء متماسكة حتى الانتخابات المحلية المقبلة"، معتبرًا أن "ذلك يشكل مكسبًا سياسيًا يفوق قيمة التجديد التنفيذي نفسه".

ويذهب الجوراني إلى أن "الاستعجال في السعي نحو الولاية الثانية قد يضع السوداني في مأزق تحمل كامل تبعات الإخفاقات، خصوصًا في ظل حكومة لم تستطع إنجاز كل ملفاتها، ويحيط بها مناخ سياسي غير مستقر".

برود إيراني تجاه السوداني

لكن المشكلة الأعقد تكمن في تموضع إيران داخل المشهد، فبحسب قراءات سياسية متعددة، لم تُبد طهران حماسة واضحة لعودة السوداني، نتيجة جملة من الملفات أبرزها إجراءات الإصلاح المصرفي التي حدّت من تهريب الأموال نحو إيران، وهو ما اعتبرته الأخيرة مساسًا بمصالح حيوية.

كما تظهر بعض الدوائر الضيقة أن وجود السوداني داخل الإطار أصبح مصدر إرباك لأجنحة مؤثرة فيه، مع تراكم تحفظات سياسية وشخصية، بينها الاتهامات المتعلقة بقضية "التجسس على قيادات الإطار"، والتي بقيت أحد أكبر الملفات التي سممت العلاقة بين الطرفين.

ويترافق ذلك مع هشاشة داخلية في "الإعمار والتنمية"، إذ تشير التوقعات إلى إمكانية تفكك القائمة أو خروج بعض أطرافها المؤثرة مثل فالح الفياض أو أحمد الأسدي، نحو (15 مقعداً) ما يجعل كتلة السوداني البرلمانية أقرب إلى نموذج قائمة العبادي في 2018 التي انهارت سريعًا بعد الانتخابات.

ورغم هذا الواقع، يبقى العامل الأمريكي أكثر ما يمكن أن يغيّر اتجاهات اللعبة، فالسوداني يحظى بتقييم إيجابي داخل واشنطن – وفق خبراء - سواء في ملفات دفع مستحقات الشركات الأمريكية أو التعاون مع وزارة الخزانة في تنظيم التحويلات المالية أو الانفتاح على الشركات الأمريكية في قطاعي النفط والغاز.

 ومع وصول المبعوث الرئاسي مارك سافايا، الذي أكد صراحة أن الولايات المتحدة "لن تسمح بوجود جماعات مسلحة خارج سلطة الدولة"، يُطرح سيناريو إمكانية أن تضغط واشنطن على بعض القوى السياسية لدعم التجديد للسوداني، إذا رأت أن استمرار حكومته يخدم استراتيجيتها في العراق ويضمن توازنًا أمام صعود الفصائل المرتبطة بإيران.

عوامل مركبة

وفي ضوء هذه التعقيدات، تبدو حظوظ السوداني في الولاية الثانية مرتبطة بجملة عوامل مركبة؛ قدرة الإطار على تجاوز تحفظاته، واستعداد إيران لمنح ضوء أخضر واضح، ودور الولايات المتحدة في توفير غطاء سياسي ضامن، إضافة إلى مدى قدرة السوداني نفسه على الحفاظ على تماسك تحالفه الانتخابي ومنع تفككه قبل لحظة الحسم. 

أخبار ذات علاقة

يافطة دعاية انتخابية للسوداني

تصدّر ائتلافه الانتخابات العراقية.. من هو محمد شياع السوداني؟

وبينما يعلن رئيس الوزراء استعداده لتحمل "مسؤولية استكمال المشروع"، تشير المعطيات الواقعية إلى أن معركته الحقيقية ليست فقط معركة التجديد، بل معركة البقاء داخل قلب المشهد السياسي من دون أن يخسر الإطار أو يبتعد عن الولايات المتحدة أو يتقاطع مع الحسابات الإقليمية المتشابكة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC