يرى خبراء أن فتح معبر الكرامة الحدودي المخصص للطائفة الدرزية يشكل نقطة تحول خطيرة في جنوب سوريا، حيث يثير مخاوف من تحوله إلى أداة للنفوذ الإسرائيلي تحت غطاء المساعدات الإنسانية.
ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه المنطقة تصاعدًا في التوترات، وسط تحذيرات من استخدام إسرائيل لهذا المعبر كبوابة لتهريب السلاح وتغذية الانقسامات الداخلية، بما يعزز موقفها بالبقاء في الجنوب السوري لأطول فترة ممكنة.
حول هذا الموضوع، قال الكاتب والباحث السياسي أمجد إسماعيل الآغا، إن فتح معبر الكرامة على الحدود السورية – الإسرائيلية يعكس واقعًا معقدًا لا يمكن فهمه على أنه مجرد خطوة إنسانية بحتة، بل هو تحرك استراتيجي يعزز النفوذ الإسرائيلي في الجنوب السوري.
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن إسرائيل، من خلال هذا المعبر، تحاول توطيد علاقاتها بالطائفة الدرزية التي تمثل ملفًا حساسًا في تركيب النسيج المجتمعي السوري، وهو ما يثير تساؤلات وقلقًا في الشارع السوري حول احتمالية تحوله إلى بوابة لتهريب السلاح وتمويل أطراف مسلحة تحت ذريعة نقل المساعدات الإنسانية.
وأوضح أن توظيف إسرائيل للأقليات كأدوات نفوذ يأتي في سياق محاولاتها السيطرة على مناطق استراتيجية جنوب سوريا، وإقامة كانتون درزي يربط مناطق الجنوب بالجولان المحتل، ما يخدم مصالح الاحتلال الأمنية والسياسية، ويزيد الانقسامات الداخلية داخل سوريا.
وأشار الآغا إلى أن غياب استقرار سياسي وأمني حقيقي في البلاد يفاقم من حالة عدم الثقة تجاه أي مبادرات لا ترافقها حلول وطنية شاملة، ففتح المعبر دون توافق وطني يمكن أن يعمّق الانقسامات ويزيد مخاوف الأقليات من الاستغلال السياسي والعسكري.
وبيّن أن المعبر لا يعمل في فراغ سياسي أو أمني، بل في ظل توترات متصاعدة وتدخلات إقليمية متشابكة، ما يحوّل المنطقة إلى ساحة مواجهة نفوذ تجعل من أي جهود لتحقيق الأمن والاستقرار رهينة لتقلبات المصالح الإقليمية والدولية.
وخلص إلى أن فتح معبر الكرامة ليس مجرد ممر إنساني، بل حدث يحمل في طياته تداعيات أمنية وسياسية تهدد التوازنات في جنوب سوريا والمنطقة المجاورة، ويستلزم قراءة دقيقة ومتابعة مستمرة لفهم اتجاهاته وتأثيراته الحقيقية.
من جانبه، قال الحقوقي والمحلل السياسي نضال حوري إن تداعيات فتح هذا المعبر ستكون كبيرة على الحكومة الانتقالية، التي يرى أنها أضاعت فرصة كبيرة لسد الطريق أمام الدروز الذين كانوا يريدون الاندماج، لكن الأحداث الأخيرة قضت على أي فرصة لإصلاح الأمر.
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن المعبر، من الناحية الإنسانية، قد يكون مهمًا في ظل ما تعانيه المحافظة، لكن هذا لا يلغي الأطماع الإسرائيلية في استمالة دروز بني معروف لجانبها من البوابة الإنسانية، وهذا يتقاطع مع الدور الكبير الذي يلعبه دروز إسرائيل داخل الدولة العبرية، خاصة في الجيش الإسرائيلي، ما يعد اختراقًا كبيرًا على مستوى سوريا.
وأردف أن هذه الخطوة، وعلى المستوى الإقليمي ودول الجوار، ستشكل سابقة خطيرة إن تمت، وستقوض الأمن في تلك المنطقة؛ لأنها تمنح ذريعة واضحة للأطماع الإسرائيلية، في وقت يدرك فيه الجميع الأهداف الحقيقية لهذه التحركات.
ولفت حوري إلى أن المعبر سيخفف من معاناة محافظة السويداء، لكنه في المقابل سيزيد حالة الاحتقان العشائري ضد الطائفة الدرزية، ما قد يفتح الباب أمام جولة جديدة من الاقتتال الداخلي.
واختتم حديثه بالقول إن إسرائيل قد تعزز هذا الصراع عبر دعم طرف ضد آخر، ليس آخره توريد الأسلحة إلى السويداء، الأمر الذي من شأنه تأجيج الأوضاع وزيادة تعقيد المشهد الأمني والسياسي في جنوب سوريا.