أكد مصدر عسكري لبناني أن المعارك في المنطقة الحدودية مع سوريا بدأت بالتراجع تدريجياً، مع اقتراب تنفيذ خطة فعالة لضبط الحدود ووقف عمليات التهريب المتنوعة بين البلدين.
وأشار المصدر إلى أن هذا الملف يحظى باهتمام دولي بالغ نظراً لارتباطه بسيطرة "حزب الله" على عمليات التهريب عبر الحدود.
وكشف المصدر أن الجانب السوري بدأ زراعة الألغام في الأراضي الحدودية السورية كجزء من العملية، على أن يسلم الجيش اللبناني الخرائط الخاصة بها بعد الانتهاء من ذلك.
كما أشار إلى أن الجيش اللبناني يعتزم اتخاذ خطوة مماثلة في المستقبل القريب.
من جهته، قال العقيد المتقاعد جميل أبو حمدان إن المعارك التي دارت في المنطقة الحدودية مع سوريا كانت متوقعة من قبل جميع الأطراف، مؤكداً أن حزب الله يسيطر على العديد من المعابر ويستغلها لتمويل عملياته وتأمين نقل الأسلحة إلى لبنان عبر المخازن السورية التي ما زالت تحت سيطرته.
ولفت أبو حمدان إلى أن حزب الله شارك فعلياً في المعارك ولكن دون رفع راياته أو أعلامه، خوفاً من استهداف عناصره في غارات إسرائيلية، مما دفع الجيش اللبناني للتدخل بسرعة لضبط الأوضاع.
وأضاف أبو حمدان، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن مسألة زرع الألغام في النقاط الحدودية غير الشرعية تعد أمراً ضرورياً، نظراً للطبيعة الوعرة للمنطقة الحدودية والمسافات الطويلة التي يصعب تغطيتها بشكل كامل من قبل الجانبين اللبناني والسوري.
ووصف تسليم السوريين خرائط الألغام إلى الجيش اللبناني بأنها خطوة تعكس حسن النية من قبل الجانب السوري، مشيراً إلى رغبته في تجنب التصعيد مع الحكومة اللبنانية الجديدة.
وأكد أن ضبط التهريب ومنع حزب الله من الاستفادة منه يعد من الملفات المشتركة بين البلدين بعد سقوط النظام السوري السابق.
وأشار أبو حمدان إلى أن التوتر بين حزب الله والفصائل المسلحة السورية بسبب دعم الحزب للنظام السوري السابق، وهو ما كان سبباً في توسع دائرة المعارك ووقوع بعض القذائف على الأراضي اللبنانية.
لكن القيادة السورية تعمل على ضبط الأوضاع من خلال تعليمات صارمة تهدف إلى عدم توسيع دائرة المعارك.
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي والمحامي بشير البسام أن ما حدث على الحدود اللبنانية السورية يشكل نموذجاً للأوضاع المستقبلية، التي ستشهد تعاوناً بين البلدين في العديد من الملفات، أبرزها ضبط الحدود.
وأوضح أن هذا الملف من الملفات الحساسة للغاية بسبب الطبيعة الديموغرافية للمناطق الحدودية؛ حيث تتداخل الأراضي بشكل كبير، ويعيش العديد من اللبنانيين في الأراضي السورية والعكس صحيح.
كما أن مسألة التهريب، بغض النظر عن دور حزب الله فيها، تمثل مصدر رزق أساسيا للعديد من العائلات والعشائر في المنطقة، ما يجعل الأمر يحتاج إلى معالجة جذرية لضمان بدائل شرعية وقانونية.
وأضاف البسام في حديثه لـ"إرم نيوز" أن المعارك التي اندلعت خلفت العديد من القتلى والجرحى من الجانبين، لكن الحكومتين اللبنانية والسورية لا تسعيان إلى التصعيد، بل على العكس، يأتي ما جرى استجابة للضغوط الأمريكية والدولية الهادفة إلى ضبط الحدود بشكل كامل.
وأوضح أن المهربين اللبنانيين كانوا يركزون نشاطهم داخل الأراضي السورية، مما دفع القوات العسكرية إلى التدخل لإبعادهم عن المنطقة وإجبارهم على العودة إلى الأراضي اللبنانية.