أكدت مصادر يمنية إجلاء ميليشيا الحوثي 20 إلى 35 جريحًا إلى خارج صنعاء، بينهم 3 إلى 6 من القيادات الحوثية البارزة من الصف الأول، لتلقي العلاج نتيجة إصابتهم في الهجوم الإسرائيلي الأخير، الذي استهدف تجمعًا حكوميًا راح ضحيته رئيس الوزراء في الحكومة التابعة لهم أحمد الرهوي إلى جانب عدد من الوزراء.
وقالت المصادر لـ"إرم نيوز" إن "من بين الجرحى الذين جرى نقلهم إلى الخارج لتلقي العلاج، وزير الدفاع في حكومة الحوثيين محمد العاطفي، ورئيس هيئة الأركان محمد الغماري، بالإضافة إلى وزير الداخلية عبد الكريم الحوثي".
وأوضحت المصادر "أن عمليات إجلاء الجرحى الحوثيين جرت عبر طائرات تابعة للأمم المتحدة"، مشيرة إلى وجود"تواطؤ أممي غير مبرر"، خصوصًا وسط الممارسات التعسفية للميليشيا بحق موظفي المنظمات الأممية واقتحام مقرات الهيئات الدولية في مناطق سيطرتها، وفق قولها.
ووصفت المصادر إصابات الجرحى المنقولين بـ"الخطيرة"، مشيرة إلى وفاة بعض الجرحى أثناء الرحلة، قبل وصول الطائرة إلى وجهتها، وذلك أثناء تحليقها في الجو لنقل دفعة من المصابين.
وأشارت إلى أن "من بين الجرحى قيادات سياسية وعسكرية وأمنية، من ضباط ومرافقي الشخصيات القيادية ومسؤولي فرق الحراسات الأمنية".
ولم تستطع المصادر تحديد البلد الذي جرى نقل جرحى الحوثيين إليه، لعدم تأكدها من صحة المعلومات، مُرجحةً في الوقت نفسه نقلهم إلى أكثر من دولة مختلفة، مشيرة إلى أن الميليشيا تفرض تعتيمًا شديدًا حول نتائج وانعكاسات الضربة، خصوصًا فيما يتعلق بأسماء الجرحى والقتلى، إذ تتعامل مع قياداتها العقائدية بحذر بالغ.
وفي سياق متصل، توقعت مصادر أخرى أن عملية الإجلاء لم تقتصر على الجرحى، بل شملت قيادات حوثية سليمة لم تتعرض لأي إصابات، ما يفتح الباب لاحتمالية فرارهم خشية استهدافهم خلال الفترة المقبلة.
وكانت الحكومة اليمنية قد دعت الأمم المتحدة إلى فتح تحقيق عاجل وشفاف بشأن "شبهات استغلال رحلاتها الجوية في تهريب قيادات الحوثي إلى خارج البلاد"، مطالبةً "بوقف أي رحلات أممية إلى مطار صنعاء الدولي، إلى حين إعلان نتائج التحقيق عبر إحاطة علنية أمام مجلس الأمن الدولي".
وأكد وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الإرياني، أن "في الوقت الذي يُحرم فيه ملايين اليمنيين من حقهم المشروع في السفر والتنقل والعلاج نتيجة ممارسات الحوثيين، يتمتع قادة الميليشيا وأسرهم بامتيازات النقل الآمن عبر الطائرات الأممية". وأضاف أن "هذه الازدواجية تمثل ظلمًا مضاعفًا بحق اليمنيين، وتكشف كيف يتحول الطابع الإنساني إلى أداة تمنح امتيازات لطرف واحد على حساب الغالبية العظمى".
من جهته، رجح الأكاديمي في جامعة الحديدة ورئيس حملة "لن نصمت"، الدكتور عبد القادر الخراز، صحة الأنباء المتعلقة بإجلاء قيادات حوثية عبر رحلات جوية أممية بنسبة مرتفعة، قائلاً: "أعتقد أنها أخبار صحيحة ومؤكدة، استنادًا إلى متابعة ورصد حركة الطيران في مطار صنعاء منذ 20 يوليو/تموز وحتى اليوم، حتى في أيام عطلة نهاية الأسبوع".
وأشار إلى أن معدل الرحلات ارتفع بعد الضربة الإسرائيلية الأخيرة من رحلة واحدة يوميًا إلى ثلاث رحلات يوميًا في المتوسط، ما يرجح وجود عملية إجلاء لجرحى الحوثيين. وأضاف أن هناك مؤشرات على عمليات موازية مثل نقل أسلحة أو معدات وربما خبراء، مشيرًا إلى أن وصول نحو 90 شخصًا يوميًا خلال يوليو/تموز كان رقمًا ضخمًا مقارنة بالاحتياجات المعلنة.
في المقابل، علقت الأمم المتحدة بشكل مقتضب ونفت صحة الاتهامات، قائلة: "الادعاءات المتداولة بأن رحلات الأمم المتحدة الجوية استُخدمت لنقل أشخاص غير عاملين في المجال الإنساني أو غير تابعين للأمم المتحدة هي ادعاءات باطلة وغير صحيحة".
ويرى الخراز أن "هناك تماهيا واضحا بين الأمم المتحدة والحوثيين على حساب الشعب اليمني، فالتنصل من تقديم تفسيرات دقيقة يثير الشكوك ويضع مصداقية المنظمة على المحك".
كما قال وكيل وزارة الإعلام فياض النعمان إن "الأبعاد المترتبة عن هذه التطورات خطيرة، كونها تكشف حجم التناقض بين ما تدعيه الميليشيا من صمود، وما تقوم به من تهريب لقادتها"، مضيفًا أن "عملية الإجلاء لم تقتصر على المصابين فقط، بل شملت قيادات أخرى يتم تهريبها سرًا ضمن رحلات إنسانية، ما يعكس حالة الارتباك والقلق داخل الميليشيا".