وسط تصعيد إسرائيلي لم يتوقف على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، كشفت أرقام صادمة لمنظمة الهجرة الدولية، أن أكثر من 86% من أراضي القطاع باتت خاضعة إما لأوامر نزوح قسرية، أو مناطق تصنف كمحظورة عسكريًا، وهو ما يعني فعليًا أن القطاع بأكمله تقريبًا قد تم إخلاؤه من سكانه أو أصبح غير قابل للحياة.
ونوهت منظمة الهجرة إلى أن هذا الرقم يُعد مؤشرًا خطيرًا على دخول قطاع غزة في مرحلة كارثية على الصعيدين الإنساني والسياسي، إذ يشير إلى أن نحو مليوني نسمة باتوا تحت التهديد اليومي بفقدان المأوى، أو الحياة، أو كليهما.
وأشارت إلى أن رقعة المناطق التي تشملها أوامر الإخلاء والتصنيف كمناطق عسكرية تتسع بشكل متسارع منذ انهيار وقف إطلاق النار، ما يجبر آلاف العائلات على النزوح مرارًا نحو مناطق أكثر اكتظاظًا وخطرًا.
وأكدت أن العائلات لم تعد تجد مكانًا آمنًا في القطاع، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية وغياب الممرات الآمنة والملاجئ المناسبة.
وذكرت المنظمة في تقريرها بأن العائلات الفلسطينية باتت مجبرة على التنقل نحو مناطق تزداد اكتظاظًا وتفتقر لأدنى مقومات الحياة، في ظل غياب أي مكان آمن داخل القطاع المحاصر.
وأكدت منظمة الهجرة الدولية أن هذه التحركات القسرية تتم في ظروف شديدة القسوة، حيث يعاني السكان من نقص الغذاء، وانتشار الأوبئة، وانهيار البنية التحتية، ما يجعل كل تحرك نحو "مكان أكثر أمنًا" مجرد وهم لا أساس له على أرض الواقع.
وأشارت منظمة الهجرة الدولية إلى أن انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الأخير أدى إلى توسيع رقعة المناطق العسكرية المحظورة، وارتفاع وتيرة أوامر الإخلاء التي تصدرها القوات الإسرائيلية بشكل متسارع، مما يدفع آلاف العائلات إلى ترك منازلها دون وجهة واضحة.
وأكدت منظمة الهجرة الدولية أن التوسع المستمر في العمليات العسكرية الإسرائيلية جعل معظم مناطق غزة غير صالحة للسكن أو الاستقرار، إذ بات السكان يواجهون معضلة وجودية بين خيارين كلاهما قاتل: البقاء في منازلهم معرضين للقصف، أو النزوح إلى مناطق غير مجهزة وغير آمنة.
وفي ظل هذا الوضع، تصاعدت الدعوات الدولية لوقف التصعيد العسكري وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المحاصرين، حيث حذّرت منظمات أممية من أن استمرار هذا الوضع سيقود إلى كارثة إنسانية شاملة، خصوصًا في ظل تعطل النظام الصحي بالكامل، وانقطاع الكهرباء والمياه، وتوقف المخابز والمستشفيات عن العمل.