أكد مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إسماعيل الثوابتة أن حجم الكارثة الإنسانية غير مسبوق في التاريخ الحديث، وذلك مع حلول الذكرى الثانية للحرب الإسرائيلية على غزة.
وأوضح، في حوار خاص مع "إرم نيوز"، أن الإبادة الجماعية خلفت مآسي إنسانية متراكمة، وأن الوضع الإنساني ما زال كارثيًّا بكل المقاييس، في حين فشل المجتمع الدولي في أداء مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه ما يجري في غزة.
وأشار الثوابتة إلى أن خطة ترامب الأخيرة ستكون إيجابية إذا حملت معها بوادر حقيقية لتغيير الواقع المزري للسكان في غزة، وستشكل انفراجة مهمة على المستوى الإنساني.
وتالياً نص الحوار:
البيانات المحدثة والشاملة لدينا، تُظهر أن حجم الكارثة الإنسانية غير مسبوق في التاريخ الحديث.
بلغ مجموع الشهداء والمفقودين منذ بدء الإبادة الجماعية (75,788) إنساناً، بينهم (66,288) شهيداً وصلوا للمستشفيات، و(9,500) مفقود ما زال مصيرهم مجهولاً أو تحت الأنقاض.
من بين الشهداء أكثر من (20,000) طفل و(12,500) امرأة و(9,000) أم و(22,426) أبا، وهذا استهداف ممنهج للعائلات الفلسطينية.
أما الخسائر المادية الأولية المباشرة لـ(15) قطاعاً حيوياً فقد تجاوزت (70) مليار دولار، شملت تدميراً واسعاً للبنية التحتية، والمنازل، والمستشفيات، والمدارس، والمنشآت الاقتصادية والخدمية؛ ما يجعل عملية إعادة الإعمار صعبة أو شبه مستحيلة دون تدخل دولي عاجل.
الوضع الإنساني في قطاع غزة ما زال كارثيًّا بكل المقاييس، حيث أن مئات آلاف الفلسطينيين يعيشون في خيام غير صالحة للسكن وسط انتشار للأمراض والجوع الناجم عن إغلاق معابر القطاع، كما أن الحرب تسببت في انهيار المنظومة الصحية وانعدام الأمن الغذائي والمائي.
الفلسطينيون في قطاع غزة يفتقرون للمياه والكهرباء وكل أشكال البنية التحتية القادرة على تلبية الحد الأدنى من احتياجات السكان.
المجتمع الدولي فشل في أداء مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه ما يجري في غزة، وكانت الاستجابة الدولية شكلية غابت عنها أي إرادة حقيقية لوقف الحرب الإسرائيلية.
المؤسسات الحقوقية والدولية لم تقدم المستوى المطلوب من توثيق الانتهاكات الجارية ومتابعة آثار الحرب الكارثية، والمطلوب هو اهتمام أكبر بالدور المنوط بهذه المؤسسات إنسانيًّا وأخلاقيًّا كي تزيل آثار هذه الحرب المدمرة.
نعم، الرواية الفلسطينية حققت تحولًا جذريًّا في الوعي العالمي، وشكلت انقلابًا حقيقيًّا في المواقف الشعبية والرسمية على حد سواء، فالمزاج العام الغربي والشعوب الغربية باتت تؤمن أن هذا الاحتلال لا بد أن يزول من الأراضي الفلسطينية وفقًا للقانون الدولي، وهو ما شكل عامل ضغط على الأنظمة الرسمية التي بدأ بعضها في الاعتراف بالدولة الفلسطينية التي جاءت نتيجة لذلك الجهد الكبير.
لقد استطاع الإعلام الفلسطيني، رغم كل الحصار والدمار، أن يوصل الحقيقة للعالم، ونستطيع القول إن الملايين حول العالم باتوا يدركون أن ما يجري في غزة هو إبادة جماعية، وأن الاحتلال يستخدم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والتجويع كسلاح ضد المدنيين.
الجبهة الداخلية في غزة قدّمت نموذجًا استثنائيًّا في الصمود والتماسك رغم الإبادة الشاملة. ورغم تدمير كل مقومات الحياة، فإن النسيج الاجتماعي الفلسطيني بقي متماسكًا إلى حد كبير، واستمرّ الأداء الحكومي والمؤسسي في إدارة الأزمة وتوفير الحد الأدنى من الخدمات الإنسانية وفق الإمكانات المتاحة.
أثبت الفلسطينيون في قطاع غزة أن إرادتهم أقوى من القصف والحصار، وأن تلاحم المجتمع، والتضامن الشعبي، واستمرار النشاط المدني والإعلامي، كلها عناصر صمود بطولي أفشلت أهداف كسر الروح الفلسطينية.
من الزاوية الإنسانية، يمكن القول إن أي مبادرة أو جهد دولي يُفضي فعليًّا إلى وقف الحرب ووقف نزيف الدم والمعاناة التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة، يُعدّ تطورًا إيجابيًّا مهمًّا.
إذا كانت الخطة تحمل في مضمونها بوادر حقيقية لفتح المعابر، وضمان تدفق المساعدات، ووقف العدوان ووقف نزيف الدم، وتهيئة بيئة إنسانية آمنة للمدنيين، فإنها تمثل انفراجه مهمة على المستوى الإنساني.