أخذها الشغف بمهنة الخياطة وهي صغيرة، تراقب والدتها تقص الأقمشة وتعيد خياطتها لتخرِج من بين يديها قطعا بهية. بعدها سارت ريتا طانيوس في الدرب، وتخصصت في تصميم الأزياء، وتدربت لدى كبار المصممين اللبنانيين، قبل أن تشق الطريق بنفسها.
لم توفر الشابة ريتا أي قطع من الأقمشة، فشكلت الستائر مادتها الأولى، حيث أعدت منها قمصانا فريدة ومميزة خاصة بالشباب، وكان لها تواجد في أكثر من منطقة ببيروت، لكن الأزمات أعادتها إلى نقطة انطلاقها في مدينتها البترون.
يحتل مفهوم إعادة التدوير وعدم استهلاك المزيد من المواد الأولية متسعا من طموحات ريتا وأهدافها، وقد تطوعت في سبيل ذلك لتعليم الصغار خياطة أكياس من قماش من أجل استخدامها خلال التسوق عوض أكياس البلاستيك.
وتقول ريتا طانيوس، في حديث لـ"إرم نيوز": "العمل على الأقمشة المستعملة يعطي قطعا فريدة ومميزة.. الهدف لا يقتصر هنا على المفهوم البيئي والاقتصادي فحسب، وإنما كذلك على الإبداع والتفرد".
هذا التفرد طبع عرض أزياء أعدت له المصممة في متحف أثري في البترون شمالي لبنان، يجمع بين جنباته طراز مئة بيت تراثي تعرض للتدمير بفعل التفجير في مرفأ بيروت عام 2020.
وعملت ريتا في العرض على ثلاثين قطعة، عرضها أصدقاء، بمعزل عن المفهوم السائد والرائج لعارضي وعارضات الأزياء والمقاييس التي تحدد الطول والوزن وما شابه ذلك.
وأوضحت ريتا أن الأساس بالنسبة لها هو مفهوم الحرية، قائلة: "الأهم أن تكون لدى الإنسان الحرية في اختيار ما يرتديه وكيف يكون مرتاحا".
وأعطت ريتا أسماء لكل قطعة، مستلهمة من عنوان المعرض "روح"؛ لتلعب على معاني الكلمة كما على قصة القطعة المعروضة.
وبالنسبة إليها، فإن "روح" فضلا عن معناها المباشر بالعامية، تعني "روح الشخص الحرة والطموحة، التي تحلق أينما وكيفما تريد، والهدف هو إعادة النظر بوضعنا وإعطاء فرصة أخرى لذواتنا وقدراتنا، وأن نقف من جديد بعد كل انكسار وأن نتمسك بما لدينا".
وتعتبر ريتا أن عرض "روح" شكل تحديا لها، حيث أرادته مميزا وفريدا وعملت عليه بهدوء، واستخرجت من خيارات الأقمشة المتوفرة كل ما هو ممكن وممتع في آن.
خيار ريتا ومفهومها في الأزياء أصبح يلاقي رواجا وإقبالا في لبنان، لكونه خيارا ذكيا يطلق العنان للإبداع في التصاميم في فضاءات حرة، ويعطي فرصا أخرى لعتيق الخزائن.