تواصل فرق الإطفاء جهودها للسيطرة على الحرائق الضخمة التي اجتاحت جبال الساحل السوري، بعدما أتت على أكثر من 10 آلاف هكتار من الغابات، في كارثة وصفها مختصون بأنها "نكبة وطنية تهدد الأمن البيئي والاقتصادي" في البلاد.
وقال وزير الطوارئ والكوارث السوري، رائد الصالح، في تصريح لوكالة "سانا"، إن أكثر من 100 فريق من الدفاع المدني، بينهم فرق مساعدة من تركيا والأردن، يشاركون في عمليات الإطفاء. وأكد أن الخسائر البشرية لا تزال محدودة، وتقتصر على إصابات طفيفة في صفوف المدنيين و8 من عناصر الدفاع المدني، إلا أن حجم الأضرار البيئية والمادية بالغ.
وأشار الصالح إلى أن الجهود تتركز حالياً في منطقتي "ربيعة" و"بيت كرمندي" نظراً لخطورة امتداد النيران إليهما بفعل سرعة الرياح، ما قد يؤدي إلى توسّع رقعة الحريق بشكل أكبر.
من جانبها، أفادت صحيفة "الثورة" الحكومية بأن الحرائق تسببت بخروج محطة تحويل البسيط الكهربائية عن الخدمة، ما أدى لانقطاع التيار الكهربائي عن المناطق التي تغذيها، إضافة إلى توقف مضخات المياه عن العمل.
وفي ظل التهديدات المستمرة، تم إجلاء السكان من عدة قرى، بينها: زنزف، بيت حسين، بيت الوالي، الوادي، بركة الحلوة، الخضرة، كشيش، الغسانية، المحمودية، وبيت قنطرة، بهدف حمايتهم من خطر النيران.
بدوره، قال مدير الدفاع المدني في اللاذقية، عبد الكافي كيال، إن الحرائق تسببت بخسائر مادية كبيرة طالت ممتلكات المزارعين، بما في ذلك منازل وأشجار مثمرة، محذرًا من آثار بيئية جسيمة تشمل تراجع الغطاء النباتي، وانجراف التربة، واختلال التوازن البيئي، إلى جانب تأثيرات على التنوع الحيوي والمناخ المحلي.
ويعتمد سكان جبال الساحل السوري على زراعة الحمضيات والزيتون والتبغ كمصدر أساسي للدخل، إلى جانب تربية حيوانات وطيور نادرة، مثل الضباع والأرانب والشحرور والحجل، ما يضاعف من فداحة الخسائر.
في السياق ذاته، دعا "البرنامج السوري للتغيير المناخي" إلى إعلان حالة طوارئ بيئية، محذرًا من أن الحرائق تمثل تهديداً خطيراً للمستقبل البيئي في سوريا. وأصدر البرنامج خطة استجابة من خمس نقاط لمواجهة تداعيات الكارثة.
من جهته، قال محافظ اللاذقية، محمد عثمان، في تصريح لتلفزيون سوريا، إن جهود الإطفاء ما زالت تتطلب عملاً مكثفًا، معربًا عن أمله في أن تسهم الأجواء الجوية واستقرار الرياح في تسريع السيطرة على النيران.
وحتى اللحظة، لم يتم الانتهاء من حصر الخسائر بشكل نهائي، لكن المؤشرات الأولية تؤكد أن الحرائق خلفت أضراراً بيئية وسياحية واقتصادية كبيرة، مع استمرار التحذيرات من تفاقم الوضع في حال لم تتم السيطرة عليها خلال الساعات المقبلة.