وقّعت وزارة البيئة المصرية ومحافظة الفيوم ومؤسسة الأميرة عالية ومؤسسة "Four paws" العالمية بروتوكول تعاون رباعي؛ لإنشاء ملاذ آمن للحياة البرية بمحمية وادي الريان في الفيوم.
ويهدف المشروع إلى توفير موطن آمن للحيوانات البرية المهددة بالانقراض، وتعزيز السياحة البيئية في المنطقة، مثلما يُسهم في وضع المحافظة على خريطة السياحة البيئية، وجلب الآلاف من السياح المهتمين بالبيئة لزيارة المحمية.
المشروع الكبير جارٍ إقامته على مساحة ألفي فدان، بتكلفة مليار جنيه للمرحلة الأولى، واعتبره محافظ الفيوم، الدكتور أحمد الأنصاري، الحلم الكبير الذي تنتظره المحافظة منذ فترة طويلة.
ويشتمل المشروع على مرفق متكامل لعلاج الحيوانات، ويوفر تدريبًا للأطباء البيطريين والطلاب الممارسين للعمل بالملاذ الآمن في مجالات رعاية الحيوانات البرية وكيفية التعامل معها، ما يُسهم في فتح مجالات جديدة للعمل محليًّا وإقليميًّا.
ويأتي اهتمام مصر بمشروع الملاذ الآمن للحياة البرية في إطار حرصها على حماية الحياة البرية، إذ تمتلك مصر 18 محمية طبيعية في مناطق مختلفة، منها محميات في جنوب سيناء، مثل محمية رأس محمد، ومحمية سانت كاترين، وفق أستاذ المناخ والبيئة المصري، الدكتور علي قطب.
وأوضح قطب، في حديث لـ"إرم نيوز"، أنه "نتيجة للعوامل الطبيعية، قد تتعرض هذه المحميات للتغير، مثل تأثر نباتات المانجروف في البحر الأحمر، لذا، فإن التعاون مع الأردن في هذا المشروع يعكس اهتمام مصر بالعمل الجماعي لحماية الحياة البرية".
ويُعد التعاون الدولي ضروريًّا لتعزيز السياحة البيئية، إذ يساعد على جذب السياح من مختلف دول العالم، بالإضافة إلى تطوير المحميات الطبيعية وتوفير الخدمات السياحية اللازمة، مثل البنية التحتية والمرافق السياحية، حسبما ذكر قطب.
ويرى الخبراء أن الاهتمام المصري بالمحميات الطبيعية أمر إيجابي، ويعكس التزام الحكومة بحماية البيئة والتنوع البيولوجي، ونجاح برامج وزارة البيئة المصرية في تحقيق أهدافها الخاصة بهذا القطاع.
وفي السياق ذاته، يقول الوكيل السابق لكلية الدراسات العليا والبحوث البيئية، الدكتور عبدالمسيح سمعان، إن "فكرة الاهتمام بالمحميات الطبيعية في مصر رائدة وضرورية، لأنها تحافظ على التنوع البيولوجي، ما يُوفر فرصة للحفاظ على الكائنات المهددة بالانقراض في ظل تغير المناخ".
ويضيف سمعان، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "انقراض أي نوع من الكائنات يؤثر بالتبعية في انقراض أنواع أخرى من الحيوانات أو النباتات"، مشيرًا إلى أن "الاهتمام بالمحميات أمر مهم للغاية في هذا الإطار، لأنها تحمي الكائنات من الانقراض، وتزيد من تكاثرها".
وتُعد مصر من الدول الرائدة في مجال حماية البيئة، التي تسعى من خلال هذه المحميات إلى حماية التنوع البيولوجي، وتعزيز الوعي البيئي لدى السكان المحليين والسياح، بحسب سمعان.
وظلّت مصر منذ سنوات تغلق المحميات الطبيعية أمام الزوار؛ بهدف حماية الكائنات المهددة بالانقراض التي تعيش فيها، لكنها بدأت مؤخرًا فتح المحميات أمام الزوار للترويج للسياحة البيئية، ودعم الاقتصاد المحلي، وفق سمعان.
ويوضح أستاذ اقتصاديات البيئة، الدكتور علاء سرحان، أن "الحفاظ على التنوع البيولوجي يضمن استمرارية الصفات الوراثية التي تُستخدم في العديد من المجالات، مثل صناعة دواء الإنسان، لذا، لا يُعد رفاهية، بل هو أمر ضروري لاستمرار الحياة على كوكب الأرض".
ويمثل الاهتمام بالملاذ الآمن للحياة البرية استثمارًا بيئيًّا يعود بالنفع على المواطن والمجتمع والدولة، بالإضافة إلى أنه يُوفر فرصة لمعرفة التأثيرات البيئية السلبية المستقبلية، وإدارتها ومواجهتها على نحو مستدام يراعي البيئة والأبعاد الاجتماعية، وفق سرحان.
ويشير إلى أن "مثل هذه الأنشطة تُولد فرص عمل، خصوصًا الناتجة عن التنمية السياحية، سواء كانت لأبناء المنطقة أو من خارجها، لذا تُسهم هذه المشروعات في خلق تنمية مستدامة على المدى الطويل".
وفي ما يتعلق بالأهمية الاقتصادية للمحميات، يشير الخبير السياحي، الدكتور حسام هزاع، إلى أن "المحميات الطبيعية في مصر تُسهم في تعزيز السياحة البيئية ودعم الاقتصاد الوطني"، مؤكدًا أنها "تُعد من أهم الوجهات السياحية في العالم، إذ تتميز بتنوعها البيولوجي الكبير".
ويضيف هزاع، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "المحميات الطبيعية المصرية تضم مجموعة متنوعة من النباتات والحيوانات، بما في ذلك العديد من الأنواع المهددة بالانقراض"، مشيرًا إلى أن "المناظر الطبيعية للمحميات الطبيعية تُعزز السياحة البيئية، لطبيعتها الجغرافية الرائعة".
ويُوفر المشروع تجربة سياحية ترفيهية متكاملة للزوار تتضمن أنشطة سياحية رائدة، كالبالون الذي يوفر فرصة للزوار لمشاهدة المحمية والحيوانات، بالإضافة إلى مراكز للزوار ونزل بيئية.
وخلال الاجتماعات الأخيرة لوزيرة البيئة، الدكتورة ياسمين فؤاد، أشارت إلى أن "مشروع ملاذ آمن للحياة البرية سيضع الفيوم على الخريطة السياحية المصرية والعالمية بصورة مختلفة تضاهي المستويات العالمية".
ويُسهم المشروع في رفع مركز مصر عالميًّا مع المنظمات الدولية في حماية الحيوان، من خلال توفير فرص لإعادة التأهيل والمعالجة للحيوانات البرية وإعادتها للطبيعة، وفق الوزيرة.