في أعماق الغابات الكثيفة بجزيرة غوادلوب الفرنسية، يعود خطر قديم ليهدّد النظم البيئية مجددًا. نبتة ميكونيا كالفسينس، المعروفة بأسماء مثل "الطاعون الأرجواني" و"السرطان الأخضر"، ظهرت من جديد بعد أربع سنوات على رصدها لأول مرة خلال جائحة كوفيد-19، بحسب ما جاء في وكالة فرانس برس.
وسط الوحول والانحدارات الوعرة في منطقة باييف جنوب غربي الجزيرة، يشق رونو إيرار، أحد عناصر الهيئة الوطنية للغابات (ONF)، طريقه حاملاً ساطوراً، باحثاً بعين خبيرة عن براعم هذه النبتة الغازية. ويقول إيرار إن التعرف عليها سهل بسبب أوراقها الخضراء الداكنة من الأعلى، والبنفسجية المميزة ذات الخطوط البيضاء من الأسفل.
هذه النبتة ليست مجرد نبات دخيل، بل "كابوس بيئي"، وفق توصيف ماتيو فيلمان، رئيس قسم التنوع البيولوجي والتنمية المستدامة في الهيئة، الذي أوضح أن الميكونيا قادرة على إنتاج ملايين البذور بمعدل إنبات يصل إلى 90%، وتحجب الضوء عن النباتات الأخرى بأوراقها الكبيرة، ما يؤدي إلى اختناق النظام البيئي بأكمله.
ومنذ عام 2020، تم تنظيم حملات واسعة للقضاء على هذه النبتة الخطيرة، حيث تُنفّذ العمليات يدويًا بالكامل، وفق بروتوكول صارم يشمل الاقتلاع، والعزل، والتخزين، ثم الحرق. ويشير إيرار إلى أن الموظفين ينهون عملهم بغسل أحذيتهم بماء البحر لمنع نقل البذور دون قصد.
ووفق داني ليبورن، من هيئة البيئة والتخطيط والإسكان في غوادلوب، بلغت كلفة الحملة الأولى نحو 170 ألف يورو، ووصلت التكاليف الإجمالية إلى نحو 550 ألف يورو خلال خمس سنوات.
ورغم التراجع في أعداد النباتات المُزالة سنوياً، فإن خطر الميكونيا لا يزال قائماً، خصوصاً بعد ظهور بؤرة جديدة في غوربيير المجاورة. ويزيد الأمر تعقيداً ضعف التمويل المخصص لهذه العمليات.
كما يُحذّر مارك غايو، مدير المحمية النباتية الوطنية، من أن غوادلوب تضم 7% من التنوع البيولوجي الفرنسي، ويقول: "عدد الأشجار المحلية لدينا يعادل ثلاثة أضعاف ما يوجد في فرنسا".
ولا تزال تجربة تاهيتي المأساوية ماثلة في الأذهان، حين غزت الميكونيا أكثر من 70% من أراضي الجزيرة، مدمّرة الحياة النباتية رغم محاولات مكافحتها بالفطريات.
أما في غوادلوب، فالحل الوحيد يبقى الأيادي البشرية، كما تقول مايتينا جان، رئيسة هيئة المتنزهات الوطنية: "لدينا أربعة أنواع متوطنة من الميكونيا… وسنواجهها وحدنا".