غيّب الموت صباح اليوم الخميس، المفكر والباحث الأكاديمي الليبي نجيب الحصادي، عن عمر ناهز 72 عاماً، بعد صراعٍ قصير مع سرطان الرئة، وفق ما أعلنته مصادر عائلية. وكان الفقيد قد بدأ رحلة العلاج في الأردن منذ مايو الماضي، إلا أن المرض لم يمهله طويلاً.
وأعلن طه الحصادي، نجل الراحل، في منشور عبر "فيسبوك"، أن جثمان والده سيصل إلى مدينة بنغازي اليوم، حيث ستُجرى مراسم التشييع ويُوارى الثرى في مقبرة الهواري.
وُلد نجيب المحجوب عبدالرحمن الحصادي في مدينة درنة عام 1952، وتخرج في قسم الفلسفة بالجامعة الليبية عام 1973. تابع دراسته العليا في الولايات المتحدة، ونال درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة ويسكونسن–ماديسون عام 1983، بأطروحة ناقش فيها بالنقد تصور تومس كون للعقلانية العلمية.
ولم يكن الحصادي مجرد أكاديمي، بل أحد أبرز المدافعين عن المنطق والعقل والعدالة الفكرية في المشهد العربي. وتنقّل بين مواقع أكاديمية بارزة، فشغل رئاسة قسم الفلسفة في جامعة قاريونس، ثم في جامعة الإمارات، كما تولّى رئاسة المركز الوطني للترجمة في ليبيا منذ عام 2013، وكان رئيساً للجمعية الفلسفية الليبية وعضواً فاعلاً في منتدى الفكر العربي ومجمع اللغة العربية الليبي.
تميّز الراحل بإنتاج فكري غني، وترك بصمة واضحة في ميادين فلسفة العلم والتفكير النقدي. من أبرز مؤلفاته: أوهام الخلط، الريبة في قدسية العلم، كتاب الأغاليط، نوستالجيا، يمشي على مهل ويسبقنا، وحساسات التفكير الناقد.
كما ساهم في صياغة تصورات مستقبلية لليبيا، عبر مشاركته في لجان رؤية ليبيا 2025 و2040، وكان مستشاراً لمشروعات العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية.
وبرحيله، تفقد ليبيا والعالم العربي واحداً من أبرز أصوات العقلانية، فيما تبقى مؤلفاته راسخةً شاهدة على مشروع فكري صلب ومُلهم.