أعادت أول حلقتين من مسلسل "أشغال شقة جداً" الجدل حول اللجوء إلى التنمر وسيلة للإضحاك في الدراما العربية، باستغلال علامات فارقة أو عاهات مستديمة، إضافة إلى الاستغلال المزمن لضخامة الجسد أو نحوله المفرط وغير ذلك.
والحلقتان شهدتا مشاركة الممثلة السودانية إسلام مبارك في دور الخادمة النيجرية "مدينة" صاحبة البنية الجسدية الضخمة، التي تتميز أيضًا بجدية شديدة وقوة مفرطة، لتستند المواقف الكوميدية إلى شراهتها في تناول الطعام بكميات كبيرة جدًّا، ربما تفوق حتى المنطق الكوميدي في أعلى مبالغاته.
وفي أعلى تلك المبالغات التهمت "مدينة" في مرحلة أولى "بوفيهًا" مخصصًا لمدعوين إلى حفل زفاف، وكان التسلسل الدرامي أن تنتقل إلى بوفيه آخر لولا اكتشاف أمرها، ومشاهد أخرى عامرة بكميات خرافية من الطعام تتناولها أمام "إفيهات" هشام ماجد ومصطفى غريب وأسماء جلال.
ورصد "إرم نيوز" تغريدات على منصة إكس انتقدت التنمّر، واللجوء إلى الإضحاك باستغلال الشكل والبنية، في شكل منمّط من الكوميديا التي كانت رائجة في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، خصوصًا في المسرح التجاري، ولنجوم كبار مثل محمد صبحي ومحمد نجم وسمير غانم وغيرهم.
واستندت كثير من المسرحيات التجارية وما عُرف بأفلام المقاولات في تلك الحقبة إلى السخرية من أجساد أو عاهات "الكومبارس" أو الممثلين المساعدين، طمعًا في ضحك الجمهور الذي لم يكن حينها يعرف مصطلح "التنمر" الذي شاع في السنوات الأخيرة.
ومن المبالغات غير المنطقية التي أنيطت لـ"مدينة"، قدرتها على صرع بلطية وحمل سيارة بيديها وإلقائها على الأرض، في محاكاة لما يمكن أن يكون "مقنعًا" في الأعمال الكرتونية الموجّهة للأطفال.
فيما ذكّرت تعليقات المتابعين أن الجزء الأول من العمل الذي حمل اسم "أشغال شقة" كان معتمدًا أكثر على كوميديا الموقف، ليحقق بها مشاهدات عالية جعلته يتصدر الأعمال الأكثر مشاهدة في الموسم الرمضاني السابق.
والمسلسل الذي كتبته شيرين دياب، وأخرجه خالد دياب، نال إشادات نقدية في موسمه الأول، باعتباره يقدم كوميديا جديدة، لا تكلّف فيها، ولا محاولات بائسة للإضحاك، وكانت جل تلك الآراء تجمع على أن العمل يغرّد بعيدًا في أسلوبه الكوميدي المصنوع بذكاء ورؤية إخراجية لا "فذلكة" فيها.
ورغم كل ذلك، فقد خطفت إسلام مبارك الأضواء في أول يوم من الموسم الدرامي الرمضاني، وحققت حضورًا أقوى من ذلك الذي نالته عند ترشّحها قبل أربع سنوات للأوسكار عن مشاركتها في الفيلم السوداني "سأموت في العشرين"، إذ تصدّر اسمها محرّكات البحث.
وفي تصريحات صحفية عبّرت إسلام عن اندهاشها من ردود الفعل "التي كانت فوق المتوقع".
