يهدد زحف مستمر لكتلة من المياه المالحة إلى نهر المسيسبي إمدادات مياه الشرب في مجتمعات متعددة في ولاية لويزيانا الأمريكية، ويقوّض الزراعة والبنية التحتية، بحسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية.
التقرير كشف أن هذا الخطر دفع المسؤولين الأمريكيين إلى تسريع محاولات إبطاء زحف البحر، حيث أدى الجفاف، للسنة الثانية على التوالي، إلى إضعاف تدفق نهر المسيسبي بشدة؛ ما سمح لكتلة من المياه المالحة من خليج المكسيك بشق طريقها لمسافة عشرات الأميال إلى الداخل.
المجتمعات المحلية تعتمد بشكل كبير على مياه النهر، حيث جاء في التقرير أنه، على مدار ستة أجيال، أدارت عائلة "ريكي بيكنيل" مشتلًا ضخمًا للأشجار على ضفاف نهر المسيسبي بالقرب من بيل تشيس بولاية لويزيانا. ويتطلب هذا المشتل البالغة مساحته 20 فدانًا ونصف الفدان، مليون شجرة، معظمها من الحمضيات، ضخ نحو 100 ألف جالون يوميًّا من المياه العذبة من نهر المسيسبي خلال الموسم الدافئ.
ولكن، ومع تسرب المياه المالحة إلى نهر المسيسبي المنكوب بالجفاف، قادمة من خليج المكسيك، باتت إمدادات مياه الشرب تحت تهديد كبير، حيث سارع أصحاب المشاتل إلى الاستعداد لاحتمال حقيقي للغاية بأن شريان الحياة في المزرعة قد يصبح غير صالح للاستخدام قريبًا.
وبحسب التقرير، وقعت رئيسة بلدية نيو أورلينز، كبرى مدن لويزيانا، حالة الطوارئ فى المدينة، يوم الجمعة الماضي، فيما أعلن حاكم الولاية الديمقراطي جون بيل إدواردز، أنه يخطط للمطالبة بإعلان حالة الطوارئ الفدرالي في الأيام المقبلة للسبب ذاته.
ستتم إضافة 25 قدمًا إلى عتبة تحت الماء لإبطاء تسرب المياه المالحةمكتب سلاح الهندسة الأمريكية
ويتضمن الإجراء الأكثر إلحاحًا حاليًّا العمل على توسيع حاجز تم بناؤه تحت الماء من قبل القوات المسلحة الأمريكية في محاولة لإبطاء تسرب المياه المالحة من خليج المكسيك.
وقال قائد مكتب سلاح الهندسة الأمريكية فى نيو أورلينز العقيد كولين جونز، إنه ستتم إضافة 25 قدمًا (7 أمتار) إلى عتبة تحت الماء، كانت شيدت جنوبي المدينة في تموز/ يوليو الماضي، لإبطاء تسرب المياه المالحة.
وقال المتحدث باسم فيلق المهندسين بالجيش الأمريكي، المسؤول عن بناء العتبة تحت الماء، إنه سيتم تسليم ما يقرب من 15 مليون جالون إلى المنشآت الزراعية الأسبوع المقبل، كما يتم العمل حاليًّا على الحصول على أنظمة "التناضح العكسي" التي يمكن أن تساعد المناطق المحلية على تصفية الملح الضار المتسرب من النهر.
وقامت إحدى الأبرشيات بتوفير المياه المعبأة في زجاجات لآلاف السكان، حيث تعاني المنطقة من التهديد المستمر بتسرب المياه المالحة.
وإلى جانب المخاطر التي يشكلها تسرب المياه المالحة على إمدادات مياه الشرب، يمكن أن يؤدي أيضًا إلى تآكل الأجهزة المنزلية والمعدات في المنشآت الصناعية. كما إنه يمكن أن يضر بالمحاصيل الزراعية ويعقد رعاية الماشية.
ويشهد نهر المسيسبي، الذي تعبره السفن جنوبًا إلى خليج المكسيك، مستويات منخفضة شبه قياسية.
وفي عام نموذجي، يكون تدفق نهر المسيسبي كافيًا بشكل عام لمنع المياه المالحة من التسرب بعيدًا عن المنبع، ولكن لعوامل عدة فقد تسربت المياه المالحة إلى أعلى النهر خلال الأشهر الأخيرة الماضية، والسبب في ذلك على وجه الخصوص الجفاف المستمر على طول نهر المسيسبي وقلة الأمطار، ما يعني أنه دون هطول أمطار غزيرة شمالًا، قد يصل تدفق النهر قريبًا إلى 130 ألف قدم مكعبة في الثانية، مقارنة بأدنى تدفق مسجل على الإطلاق للنهر، وهو 120 ألف قدم مكعبة في الثانية، سجل عام 1988.
وبسبب تجريف قاع النهر بشكل كبير ووصوله إلى أقل من مستوى سطح البحر، إضافة إلى التضاريس المحيطة بالنهر، فقد أصبح من السهل تدفق المياه المالحة على طول قاع النهر، تحت المياه العذبة الأقل كثافة، بالإضافة إلى ارتفاع درجات حرارة الجو.
المصدر: صحيفة واشنطن بوست
