وجوه قادة عظماء تطل من الأعماق، وصفوف الجنود تقف في صرامة، فيما تعلو أعمدة المعابد شامخة، وتستقر التوابيت والسفن والحيوانات في سكون أبدي.
ليست هذه مشاهد من متحف أثري، بل هي جزء مما تخبئه أعماق الإسكندرية، عروس البحر المتوسط، من آثار تعود إلى العصرين البطلمي والروماني، غرقت منذ قرون وما زالت تحتفظ بصفاء ألوانها ودقة تفاصيلها وكأنها لم يمضِ عليها أكثر من ألفي عام.
من هنا كانت تلك الحالة من الحماس الشديد التي شهدتها منصات التواصل الاجتماعي، إثر الإعلان رسميا اليوم الخميس من جانب وزارة السياحة والآثار عن إقامة معرض "أسرار المدينة الغارقة" بمتحف الإسكندرية القومي.
يحتوي المعرض على 86 قطعة أثرية، تكشف عن الكثير من أسرار المدن الغارقة في الإسكندرية على مر التاريخ مثل مدينتي "كانوب" و"هيراكليون" بخليج "أبي قير" شرق المدينة ، كما تحكي عن جوانب من الحياة اليومية والمعتقدات الدينية والطقوس الجنائزية في حضارتي البطالمة والرومان بمصر.
واللافت أنه توجد بالقرب من شاطئ منطقة "أبو قير"؛ مدينة كاملة غارقة على عمق 5 كيلومترات، تضم 64 سفينة، و700 مرسى، وعشرات التماثيل، وصناديق المجوهرات والذهب، وأعمدة المعابد، فضلًا عن معبد كامل لعبادة الإله "آمون"، و الإله" خونسو" والذي يعود تاريخه إلى العصر البطلمي.
وتوصل العلماء والباحثون إلى أن تلك المدينة كانت تسمى "هرقليون" وتم تشييدها بالقرب من البحر قديمًا، لكنهم لا يزالون مختلفين في سبب غرقها، وإذا ما كان بسبب فيضان أم زلزال.
ويمزج تاريخ الإسكندرية بين حضارات الإغريق والرومان والفراعنة والبطالمة والعرب، في سبيكة فريدة من نوعها، حيث أسسها أشهر الفاتحين في العالم القديم وهو الإسكندر الأكبر عام 331 قبل الميلاد.
وجاء التأسيس عن طريق ردم جزء من المياه يفصل بين جزيرة ممتدة أمام ساحل المتوسط تدعى "فاروس"، فيها ميناء عتيق وقرية صغيرة تسمى "راكتوس" أو "راقودة" لتظل عاصمة مصر الأولى حتى الفتح العربي، وهدية القائد العسكري النابغة إلى العالم.
