من أعلى نقطة فيها وهي قمة "جبل موسى" أو "جبل سيناء"، تشعر أنك على موعد مع تجربة فريدة ثقافياً وروحانياً حين تبدأ رحلتك لتسلق الجبل مع أول ضوء للشمس وينتهي بك الأمر وقد وصلت إلى دير سانت كاترين، حيث البقعة التي تلقّى فيها النبي موسى "الوصايا العشر".
أما ركوب القوارب واليخوت ضمن الرياضات المائية وخوض تجربة "التلفريك"، فضلاً عن التبضع في الأسواق القديمة مثل "شرم المايا" والاستمتاع بالحياة الليلية الصاخبة، فهي أنشطة أساسية ستكون مدرجة بالتأكيد في جدولك المزدحم حين تصل إلى تلك البقعة الساحرة.
إنها مدينة شرم الشيخ المصرية التي تقع على ساحل البحر الأحمر والتي ينتابك إحساس عميق بمجرد أن تطأ قدماك أرضها، بأنك إزاء حلم تحقق أخيراً بعد أن داعب الخيال كثيراً، بشأن واحدة من أشهر الوجهات السياحية الترفيهية على مستوى العالم.
آلاف من الوجوه الباسمة المسترخية تحاصرك في كل مكان عبر عشرات الملامح وألوان البشرة واللغات المختلفة، جاء أصحابها من كل حدب وصوب هرباً من ضجيج المدن والاستمتاع باللون الفيروزي الساحر للمسطحات المائية والمباني ذات اللون الأبيض.
تبهرك المدينة بما تمتلكه من شواطئ رملية وخلجان بديعة وبيئة خلابة تجمع بين الصحراء والجبل، فضلاً عن احتوائها على أشهر بقاع الغوص وأجمل المحميات الطبيعية.
محمود شتا، طبيب عيون من مدينة دمياط، يستعد لإتمام زفافه بعد أيام وقد وقع اختياره على شرم الشيخ لتكون وجهته في شهر العسل، فما مبررات هذا الاختيار ولماذا تلك الوجهة تحديداً رغم أنه من عشاق السفر وقام بأكثر من رحلة سابقة إلى أوروبا؟
طرحنا عليه هذه التساؤل، فأجاب في تصريح إلى "إرم نيوز" قائلاً: "سبق لي بالفعل أن زرت أوكرانيا والتشيك ورومانيا وإيطاليا، لكني لم أجد صفاء وراحة بال ولذة استرخاء وجمال بحر مثل الذي وجدته في شرم الشيخ".
وأضاف: "لحسن الحظ أن خطيبتي هي الأخرى من عشاق المدينة ولا أنسى قولها لي إن من بيده الذهب، يكون أحمق لو فضل عليه المعادن التي تصدأ".
من الأنشطة الأساسية التي لا ينبغي أن تفوتك في هذا السياق هو زيارة البلدة القديمة بمدينة شرم الشيخ أو ما يُعرف محلياً هنا بـ "السوق القديمة" وهو تجمع شديد الحيوية لعدد ضخم من المحلات السياحية "البازار" التي تبيع الهدايا التذكارية من أوراق بردي وتماثيل فرعونية وعطور مصنوعة وفق "تركيبات محلية".
يلفت نظر الزائر التزاحم الشديد على محل ملابس يبيع أزياء نسائية شعبية مصرية مثل العباءات، فضلا عن الأساور والخلاخيل و"الطرابيش الرجالي"، وهو ما يفسره صاحب المحل "أحمد الخواجة" قائلا: "السائح الغربي أو الآسيوي أو اللاتيني متشوق للحصول على شيء من سحر وجمال الشرق وهو ما يتوفر في السوق هنا بقوة".
ويضيف صاحب مطعم أسماك شعبي يدعى "الحاج طه"، رغم أنه لا يزال شاباً في بدايات الأربعين: "نوفر للسياح هنا تجربة طعام تعتمد على الأسماك الطازجة القادمة تواً من البحر، مع مقاعد بسيطة وديكورات تشبه عشش الصيادين في أفلام الأبيض والأسود المصرية القديمة وهو ما يبهر السياح فعلاً".
تمتد المدينة على مساحة 480 كيلومتراً وهي تطل على ساحل البحر الأحمر، حيث تقع بموقع استراتيجي جنوب شرق شبه جزيرة سيناء، في بقعة عبقرية من الجغرافيا، يلتقي عندها خليج العقبة بخليج السويس.
يمكنك الوصول إليها جواً عبر رحلات طيران مباشرة تهبط بمطار شرم الشيخ الدولي، الذي تصل طاقته الاستيعابية إلى 10 ملايين مسافر سنوياً، ويمتلك شبكة مواصلات متطورة تقوم بتوصيل السائح إلى المنتجع أو الفندق في دقائق.
كما يمكنك الوصول إليها براً عبر رحلة بالأتوبيسات الفاخرة المنطلقة من القاهرة في مدة لا تتجاوز 4 ساعات، في حين يستغرق الوصول إليها من الأردن 3 ساعات.
وستلاحظ بسهولة كيف تتمتع شرم الشيخ ببنية تحتية متقدمة من حيث الطرق والانتقالات والفنادق والمنتجعات العالمية، فضلاً عن تتويج المدينة بلقب "أكثر مدن العالم أماناً" من جانب "الاتحاد الإفريقي الآسيوي للسياحة والتنمية" العام الماضي.
لا تكاد تعثر على ساعة واحدة من الفراغ وسط جدول مثقل بالأنشطة الترفيهية التي لا تنتهي، إذ تناديك الشعاب المرجانية الساحرة للانطلاق برحلة غوص في الأعماق أو الذهاب في رحلات السفاري عبر عربات الدفع الرباعي في وجود دليل من البدو، وإذا نال منك التعب فيمكنك أن تستسلم لغواية الأمسيات الموسيقية حيث الفولكلور البدوي في عمق الصحراء.
يمكنك كذلك الاستمتاع بما تمتلكه شرم الشيخ من أشهر المحميات الطبيعية مثل "محمية رأس محمد" و"محمية نبق"، هنا يغمرك شعور قوي أنك أمام "متاحف طبيعية مفتوحة" تحفل بأنواع نادرة من الحيوانات والطيور المهاجرة.
كما بمقدورك الاستمتاع كذلك بما تتميز به شرم الشيخ، من سجل باهر في الطعام الذي يعكس خصوصية ثقافية تتمثل في روعة الوجبات "السيناوية" ونكهات القبائل البدوية، مثل "اللصيمة" و"الكمونية" وهي عبارة عن لحوم وتوابل داخل أنواع معينة من الخبز الشهي.
ولا تخلو وجبات "الأوبن بوفيه" بفنادق ومنتجعات المدينة من الأطباق المصرية الشهيرة مثل "المحاشي" بأنواعها و"الملوخية" و"الكشري" و"الحمام المحشي".