وثّقت عدسة مصوّر فلكي بريطاني مشاهد ساحرة للنجوم والمجرات المتلألئة في سماء الصحراء الغربية بمصر، حيث تتقاطع عتمة الصحراء مع بريق أجرام السماء.
وبعيدًا عن صخب المناطق الحضرية، وجد المصوّر البريطاني من أصل لبناني، بنيامين بركات، ضالته في صحراء مصر الغربية، ليقف أمام كنز من المناظر الفلكية وسحر النجوم المتلألئة.
بعدسته، التقط بركات صورًا لسماء الليل من قلب الصحراء، بما تضمه من تكوينات بيضاء وسوداء، في مناطق تُعرف باسم "الصحراء البيضاء" و"الصحراء السوداء"، وتتميز بعزلتها الشديدة عن العالم، مما يمنحها تفردًا فلكيًا نادرًا.
وقال بركات: "لطالما بحثت عن سماء مظلمة حول العالم، بعيدًا عن التلوث الضوئي والمشاهد الحضرية، حيث يمكن للنجوم أن تتلألأ وتسطع أجرام السماء الليلية مثل مجرة درب التبانة بالعين المجردة. وهكذا صادفت الصحراء البيضاء في مصر".
وأوضح أنه وجد في صحراء مصر تكوينات صخرية طبيعية ومناظر خلابة تضيف جمالًا إلى السماء، وتتيح له إنشاء صور لا مثيل لها.
وأضاف: "لا وجود تقريبًا للسياح هناك، ما يجعلها مثالية لاكتشاف التكوينات الطبيعية الفريدة، والاستمتاع بالمكان خلال تأمل السماء أو التقاط الصور".
وأشار إلى أنه يجد في هذا المكان روحانية خاصة، قائلاً: "أمضي الليالي تحت النجوم في حالة من الانبهار، في تلك اللحظات أجد السلام الداخلي، وأشعر أنني في مكان أكون فيه حرًا، أستطيع إعادة ضبط ذهني، وأمارس التأمل الإيجابي حول حياتي اليومية وأهدافي المستقبلية، وهناك أيضًا، أستحضر مشاعر الامتنان لما أملكه، ووجودي هنا، شاهد على هذا الكون الواسع من فوقي".
زار بركات مصر مرات عدة، والتقط هذه الصور على مدى سنوات، موثقًا مشاهد مبهرة لمركز مجرة درب التبانة، إضافة إلى الجزء الشتوي من المجرة الذي يضم سديم الجبار وكوكبة الجبار، والمعروفة أيضًا بـ"الصياد".
ومن بين الظواهر الفريدة التي رصدها، ظاهرة "التوهج الليلي" (Airglow)، وهي ظاهرة طبيعية ناتجة عن تفاعل الإشعاع الشمسي مع الغلاف الجوي العلوي، ما ينتج خطوطًا أو توهجات ضوئية خفيفة في السماء الليلية.
ورغم الجمال، لم تخلُ تجربته من التحديات. يقول بركات: "في إحدى المرات، تعرضنا لعاصفة رملية شديدة، ملأ الغبار خلالها الهواء وجعل السفر مستحيلاً، فقررنا نصب الخيمة والنوم حتى الصباح. وعندما استيقظت، وجدت نفسي مغطى بالرمال حتى مستوى قدمي. اضطررنا إلى السير في العاصفة ليلًا، وفقدنا موقع المخيم لساعات".
وتضم الصحراء الغربية تشكيلات صخرية مدهشة، وهياكل غريبة، وأقواسًا، وجبالًا صغيرة، وكثبانًا رملية، وكهوفًا، وخبايا، وأبراجًا من الرمال.
ويختم بركات قائلاً: "عندما ننظر إلى الكون، لا نرى الأشياء كما هي في هذه اللحظة تمامًا، فذلك الضوء الصادر من النجوم والمجرات استغرق ملايين السنين ليصل إلينا. نحن حرفيًا ننظر إلى الماضي، ومع ذلك، هو أيضًا لمحة من المستقبل، إذ إن هذا الضوء قطع مسافات وأزمنة لا يمكن تصورها حتى وصل إلى أعيننا في هذه اللحظة بالذات".