لم يكن حصول المخرج الفاضل الجعايبي على "جائزة صلاح القصب" في إطار فعاليات الدورة السادسة والعشرين من أيام قرطاج المسرحية، التي تنتهي فعالياتها اليوم السبت، شكلا من أشكال التكريم الروتيني، بل لمسة وفاء لأحد صناع مجد المسرح التونسي عبر مسيرة ممتدة تناهز الـ45 عاما.
وتميزت تجربة الجعايبي بالإخلاص والاستمرارية والمثابرة مع النقد الإيجابي البناء للواقع المحلي والعربي عبر رؤية ساخرة تتطلع إلى المستقبل بقوة وأمل عبر أشكال مختلفة من المدارس الفنية الواقعية والاجتماعية والسياسية، التي كثيرا ما تقترب من أجواء الكوميديا السوداء.
وآمن الجعايبي بالدور التنويري والنقدي للفن ورفض مقولة "الفن للفن" التي تجعل الإبداع بمعزل عن قضايا المجتمع، كما رفض أن تكون وظيفة خشبة المسرح مجرد تسلية المتفرجين وإضحاكهم دون إحداث تغيير في الوعي الجمعي العام.
شارك في تأسيس فرقة "مسرح الجنوب بقفصة" عام 1972، ثم أسس "فرقة المسرح الجديد" في 1976 مع فنانين آخرين مثل جليلة بكار وفاضل الجزيري، ومن أبرز أعماله "العرس"،"غسالة النوادر"، "عرب"، "الخوف"، "العنف"، "يحيى يعيش"، "تسونامي".
شغل منصب مدير "المسرح الوطني التونسي" في الفترة من 2014 إلى 2022، كما أسهم في إعداد وتدريب العديد من الممثلين في تونس وبلدان أخرى مثل لبنان والمغرب، وله بصمة لافتة في تخريج أجيال من المسرحيين.
ولد الفاضل الجعايبي في 10 ديسمبر 1945 بمدينة "أريانة" بتونس ودرس المسرح في فرنسا، وحصل على الماجستير في "العلوم المسرحية" من جامعة السوربون، وهو ما كان له بالغ الأثر في قوة تكوينه الفني عبر التأسيس الأكاديمي والانفتاح على الغرب والإطلاع على أحدث نظريات العالم في الفنون.