حالة من الحزن الشديد انتابت الساحة الثقافية العربية إثر الإعلان عن رحيل الأديب التونسي البارز حسونة المصباحي عن عمر ناهز 75 عاما، بعد أن ترك العديد من الكتابات المميزة في القصة القصيرة والرواية وأدب الرحلات، فضلا عن الترجمة وفن المقال.
ولد الراحل بقرية "الذهيبيات" بمنطقة "العلا" بولاية القيروان حيث تميز بحساسية خاصة في التعبير منذ طفولته تجلى في انفعاله بالطبيعة، وحين عُين مدرسا للغة الفرنسية في منتصف السبعينيات سرعان ما تم فصله من العمل لاحقا لأسباب قيل إنها كانت سياسية.
انتقل إلى أوروبا ليكون أحد رموز أدب وصحافة المهجر، حيث التحق بالعديد من الصحف التي اتخذت من العواصم الغربية مقرا لها كما شغل منصب سكرتير مجلة "فكر وفن" الألمانية التي تصدر باللغة العربية وتخاطب العالم العربي، على هامش إقامته في مدينة ميونخ في الفترة من 1985 حتى 2004.
من أبرز أعماله الروائية "هلوسات ترشيش"، 1995، "الآخرون"، 1998، "وداعا روزالي"، 2001، "نوارة الدفلى" ،2004، "حكاية تونسية"، 2008، "يتيم الدهر"، 2012، كما قدم مجموعات قصصية لافتة مثل "حكاية جنون ابنة عمي هنية" و"السلحفاة".
آخر أعماله رواية "موت سالمة" التي تنبأ بوفاته بعد صدورها مباشرة وهو ما حدث بالفعل في واقعة مؤثرة يرويها الناشر التونسي الحبيب الزغبي قائلا: "كان حسونه يعلم أنه سيموت قريبا وكان يتحاور مع الموت على فترات النهار والليل ويجهز نفسه للرحيل".
ويضيف زغبي عبر صفحته بموقع "فيسبوك": "آخر مرة هاتفني فيها كانت يوم 23 أبريل ليعلمني بأنه بصدد الانتهاء من روايته الأخيرة، نعم هكذا قال لي، " يوم موت سالمة" ستكون روايتي الأخيرة لأنني سأموت من بعد إتمامها، لذا أرجو منك أن تراجعها أنت ولا أحد غيرك كما أرجو أن تنشرها قبل موتي لأنني قلت فيها كل شيء".
ويتابع زغبي قائلا: "هذا كان كلامك يا حسونة، ولأجلك يا صديقي تركت كل شيء جانبا وكما وعدتك راجعتها في وقت قياسي وصدرت الرواية خلال أقل من أسبوعين من تسلمها في نسختها الصفر، وحرصت على أن تكون بين يديك لتتصفحها ولتفرح بها. أحمد الله أنني لم أخيب ظنك وكأنك كنت تنتظر انتهاء المهمة لترحل".