الجيش الإسرائيلي ينسف برج الرؤية في مدينة غزة
عبر أكثر من 50 مسرحية أنجزها في الفترة من 1990 حتى 2020 ، حظى الكاتب السعودي فهد ردة الحارثي بمكانة كبيرة في المشهد الإبداعي المعاصر، حتى أنه بات يلّقب بـ"عراب المسرح السعودي".
وحصد الحارثي العديد من الجوائز والتكريمات، عن أبرز أعماله، مثل: "الفنار"، و"البروفة الأخيرة"، و"لعبة الكراسي"، و"المحتكر"، و"الناس والحبال".
وفي السطور الآتية، يحاور "إرم نيوز" أحد أبرز صناع الحركة المسرحية العربية ويلقي الضوء على مجمل أفكاره.
كيف ترى النجاح اللافت لأعمالك في مهرجان "القاهرة الدولي للمسرح التجريبي" في دوراته الأخيرة ؟
علاقتي بالقاهرة وبالمهرجان قديمة جدا وبالتالي لي حضور وخبرة وأصدقاء وتآلف وألفة مع مسارح العاصمة المصرية، من "العرائس" إلى "الطليعة " ومن "الهناجر" إلى "القومي" و"الجمهورية".
يصبح النجاح أسهل لمن تمرَّس في تلك المسارح وتخصص في فنونها وشعَر بنبض الجمهور النوعي في مهرجاناتها.
لكن مسرحيتك " ضوء" التي عُرضت في الدورة الأخيرة من المهرجان واجهت انتقادات حادة تتهمها بالجنوح إلى الطابع السوداوي؟
"ضوء" لم تكن سوداوية مطلَقًا، فالمسرحية تناقش ما بداخلنا من صراعات وما في الحياة من تناقضات بين الأبيض والأسود، الصدق والكذب، الظلام والنور، وبالتالي العمل يناقش ما يعترينا داخليا من أشياء ليست خيرا مطلقا ولا شرّا دائما.
المسرحية تحكي قصة شابين مجهولين بلا أسماء يمضيان في رحلة طويلة بحثاً عن الضوء وسط الظلام، وحين يعثران على بقعة نور سرعان ما تتلاشى تدريجياً ليحل الظلام كثيفاً مهيمناً ومعه تنطفئ الأحاديث ويسود الصمت..أليس هذا هو الطابع السوداوي بعينه؟
الفكرة هنا أن ثنائية الضوء والظلام تعكس قوتين متناقضتين تعبثان طول الوقت بإنسان العصر وسط ما يعتريه من مفاجآت وأزمات على درب الحياة، وكلٌّ منا يعيش بطريقة أو بأخرى هذا التناقض بين العتمة والنور.
ألا تبدو أعمالك، على الأقل بعضها، متشائمة فيما يتعلق بمصير الإنسان وسعادته؟
إذا كنت تشير إلى ما يُعرض لي في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي تحديدا، فلا أعتقد أنها متشائمة وكذلك هى ليست متفائلة، هي فقط تطرح تساؤلات وعلامات في محاولة لتحفيز الفكر للتأمل.
ومن الطبيعي في المهرجانات النوعية الفنية، مثل "التجريبي"، أنت تكون أعمالك دعوة للبحث والنقاش، وأن تذهب نصوصك نحو الفن والتجربة أكثر، وحالة المعمل أو المختبر المسرحي.
مسرحيتك "الظل الأخير" بدت لكثيرين ملغزة وغامضة حيث لا حوار أو قصة بل مجموعة من الشخصيات عالقة في اللا مكان واللا زمان، وهى مقيدة بالحبال والأشجار وتبحث دون جدوى عن خلاص لا يأتي؟
المسرحية لم تكن بعيدة المنال على مستوى الفهم، فهي تتحدث عن علاقة الإنسان بالقيد وكل السياقات التي يرمز لها القيد.
وربما انبهار المتلقى قليلا بلعبة السينواغرفيا شديدة الإبهار وما تضمنته من إضاءة وألوان ولوحات وديكورات جعلته يركز عليها لينسى تفاصيل أخرى ثم يفيق من الغياب ليفكر متسائلا: لماذا هذا الغموض؟
وأتصور أن الغموض الفني والرمز شيء محبب في اللعبة الفنية عموما، لكنه ليس غاية بحد ذاته ويجب عدم المبالغة فيه.
ما سر تلقيبك بـ "عراب المسرح السعودي"؟
الالقاب تُمنح عادة من محبي الشخص كنوع من التحبب، لكنها لاتعني شيئا مطلقاً فمنجزك وعملك هما الأهم دوما، وشخصيا لا تعني الألقاب لي شيئاً، وهي لن تزيدك شيئا، ولن تنقص منك.
ماذا عن ممارستك لأدوار أخرى في المسرح بخلاف التأليف مثل الإخراج؟
أنا ابن خشبة المسرح التي تمرست في كل زواياها، عملت في الإدارة وفي الصوت والإضاءة وصممت الديكور وخططت لسينوغرافيا العرض. وأعتقد أن كل ذلك يجعل الكاتب أكثر وعيا بكل تفاصيل اللعبة المسرحية.
كيف ترى حالة الحراك التي يشهدها المسرح السعودي حاليا؟
حراك رائع مبني على إستراتيجية واضحة ولها جدول زمني ومستهدفات محددة وفق رؤية شاملة للبلد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
وبالتالي فأنت تحلم وتحقق وتختبر منجزك وما تحقق من أهدافك وفق مخطط محدد وواضح جدا. كل شيء حلمنا به للمسرح السعودي يتحقق حاليا وفقا لرؤية تسابق الزمن.
ما أبرز القيود التي تعيق انطلاقة المسرح العربي عموما؟
مشكلات وهموم المسرح العربي واحدة مع اختلاف النسبة والتناسب بين بلد وآخر، وأبرزها غياب الوسائط والتقنيات التي تجمع بين العرض والجمهور في صيغة جديدة غير تقليدية.
نحن بحاجة لأفكار مختلفة تخرج المسرح العربي من عزلته التي يعيشها حاليا وتجعله أكثر جاذبية وأسرع وصولا لرجل الشارع الذي تتنازعه حاليا هموم طاحنة على كافة المستويات.
وصحيح أنه لن يكون للمسرح نفس الحضور الذي كان عليه في حقبة الستينيات، لكنه يظل كفنٍّ محتفظاً بقيمة كبرى وله جمهوره ومحبوه الذين يعشقون مشاهدته ويتفاعلون معه.