قصر الإليزيه: ماكرون سيعين رئيس وزراء جديدا في الأيام المقبلة

logo
منوعات

خبيرة مصرية تكشف خفايا التحنيط زمن الفراعنة

خبيرة مصرية تكشف خفايا التحنيط زمن الفراعنة
18 فبراير 2023، 9:44 ص

غموض كبير لا يزال يحيط بجوانب كثيرة من الحضارة الفرعونية، فرغم حرص المصري القديم على تدوين الحياة اليومية على جدران المعابد، إلا أن هناك أمورًا ظلت غامضة لم يستطع العلم الحديث كشف طلاسمها، ولعل من أبرز تلك المناطق الغامضة عملية التحنيط التي فضَّل المصري القديم أن يحتفظ بأسرارها وعدم تدوينها، كونها كانت عملية مقدسة تقتصر على الأسر الحاكمة.

وبمرور الأيام، وبفضل رغبة بعض العلماء والمتخصصين في معرفة أسرار تلك الحضارة العظيمة التي امتدت إلى آلاف السنين، حاولت "إرم نيوز" كشف بعض تلك الأسرار في حوار مع العالمة المصرية سحر سليم، المتخصصة في هذا المجال.

صدفة قادت الدكتورة سحر سليم رئيسة قسم الأشعة التشخيصية بكلية طب قصر العيني إلى أن تصبح واحدة من الأسماء العالمية اللامعة بحكم تخصصها في دراسة الآثار والمومياوات الفرعونية، بعدما فوجئت باستقدام مومياء مصرية لدراستها في أحد المستشفيات في كندا خلال أول يوم لها في الدراسة هناك لتقرر من بعدها التخصص في هذا المجال، وتوظف العلوم الحديثة في كشف أسرار الحضارة الفرعونية التي لا تزال الأجزاء الغامضة منها أكبر بكثير من المعلن، ودرست بالفعل 40 مومياء ملكية شغلت أسرارها العالم.

"إرم نيوز": بحكم عملك فحصت مئات المومياوات الفرعونية، فما أغرب الحالات التي واجهتكِ خلال تلك الرحلة؟

سليم: المصري القديم لم يقم بتحنيط مومياء مثل الأخرى، حيث لا يوجد مومياء واحدة مماثلة تمامًا لمومياء أخرى، فهناك اختلافات، حيث إن المصري القديم كان ينهج المنهج التجريبي في التحنيط، ما جعل هناك اختلافات كبيرة في عملية التحنيط مع اختلاف الحقب الزمنية، فمثلًا، عصر الدولة القديمة، غير فترة الاحتلال الروماني أو الهكسوس، كل هذا غير في شكل تلك العملية.

"إرم نيوز": ما الاختلافات التي صنعتها تلك الحقب؟

سليم: العهد القديم قبل 5 آلاف عام قبل الميلاد كان يعد بداية علم التحنيط، وكان ازدهاره مع المملكة الحديثة التي كان منها مومياء توت عنخ أمون ومومياء رمسيس الثاني، وشهدت تلك الفترة تطورًا كبيرًا، فخلالها شاهدنا تقنيات مثل سحب المخ عبر فتحة صغيرة جدًا من الأنف، في عملية تشبه إلى درجة كبيرة عملية إزالة الأورام من المخ عن طريق الأنف حاليًا.

ورغم أنها حاليًا عمليات مجهرية إلا أن المصري القديم استخدمها، ولكن في عملية التحنيط، وكذلك إزالة الأحشاء من فتحة صغيرة جدًا أسفل البطن، في عملية تماثل حاليًا العمليات الجراحية بأقل تدخل جراحي ممكن، فكل هذا تم بمواد أتى بها المصري القديم من جميع أنحاء العالم، بعدما علم خواصها التي تساعده في عمله.

"إرم نيوز": تقصدين أن المواد المستخدمة في التحنيط لم تكن من البيئة المصرية فقط، وأنه كان يتم استيراد بعضها؟

بالفعل هذا حقيقي، فالمصريون القدماء كانت لديهم شبكات تجارة مع جميع أنحاء العالم وقتها، حيث وصلوا عن طريق الملاحة إلى أماكن كثيرة من العالم، ولكن الأكثر عجبًا هنا هو كيف علم المصري القديم بالخواص الكيميائية للمواد وأثرها الطبي.

ومن أكثر المناطق التي كان يتوجه لها المصريون القدماء، منطقة سوريا وتركيا حاليًا شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث كانوا يستقدمون المواد الزيتية ومواد الراتنجات التي استُخدمت كمواد عازلة ومواد مضادة للبكتيريا، من غابات الأرز والصنوبر.

كذلك ذهب المصريون القدماء إلى مناطق مثل أفغانستان كي يحصلوا على حجر معين أزرق اسمه "لابس لازلي" كانوا يُؤمنون بأنه مهم للغاية في عملية البعث والحياة الأخرى، ومن ضمن الأماكن الأخرى التي ذهبوا إليها في الرحلة المرتبطة بعلم التحنيط، جنوب شرق آسيا، وهي المفاجأة التي تعرفت عليها عندما كنت أُلقي محاضرة في المتحف الوطني في جاكرتا عاصمة أندونيسيا، وعندما انتهيت أخبروني في المتحف أن الفراعنة وصلوا إلى جزيرة جاوة، وأخبروني أن هناك معبدًا وسط الجزيرة مرسومة على جدرانه إحدى السفن الفرعونية والمواد والتوابل والحنوط التي كان يستوردها المصري القديم.

"إرم نيوز": في تقديرك الشخصي، لماذ لم يُدوّن المصري القديم تفاصيل عملية التحنيط تحديدًا؟

سليم: المصري القديم كتب ودون كل شيء، حيث كتب البيع والشراء، والنكات والدعابات، ولكن رغم ذلك لم يكتب تفاصيل عملية التحنيط لأنها كانت مقدسة بالنسبة له، وكانت للخاصة فقط، وخلال فترة من الفترات كان التحنيط حكرًا على الأسرة الحاكمة والملوك فقط، حتى عندما فُتح الأمر للأثرياء كان مرتبطًا بورش للتحنيط، وكان يتم توريثها من الآباء للأبناء والأحفاد، فكان هذا العلم يُورث في دائرة ضيقة ومغلقة.

وصل المصري القديم إلى إندونيسيا وأفغانستان للبحث عن مواد التحنيط لاستخدامها في تحنيط الجثث.

علم التحنيط كان يعكس مدى تقدم الحضارة المصرية، لأنه كان يشمل المعرفة بالطب والتشريح، فكان يعلم المصري القديم أضعف نقطة لإزالة المخ من قاع الجمجمة وهي التي بين العينين فوق الأنف، فاستطاع التعامل معها بإحدى الأدوات التي توصل إليها، وهذه معلومة طبية مهمة للغاية، حيث كانوا حريصين خلال عملية التحنيط على عدم تشويه الجسد كونه الذي سيبعث به إلى الحياة الأخرى، كما توصلوا إلى كيفية إزالة الأحشاء من فتحة صغيرة جدًا أسفل البطن، وتوصلوا إلى تقنية إزالة الأحشاء والرئتين بأدوات دقيقة.

وتضيف سليم: "رغم ذلك، كان يتم ترك القلب في مكانه، كونه -وفقا للمعتقد المصري القديم- مبعث الروح، وكل ذلك كان دليلًا على معرفة هائلة بالطب والصناعة، خاصة أن المواد لم تكن تستخدم بصورتها في عملية التحنيط، ولكن كان يتم العمل على استخلاص المادة الفعالة منها، وهو ما يعني أن المصري القديم كان على دراية واسعة بعلم الكيمياء، وهناك بحث حديث نشر منذ عدة أيام، تم اكتشاف ورشة تحنيط في منطقة سقارة، وهذا الكشف أظهر لنا طبيعة مواد التحنيط التي استخدمها المصري القديم ومعرفة المصريين القدماء بالكيمياء.

"إرم نيوز": ما الحالات الأغرب التي واجهتكِ خلال عملك؟

سليم: كل مومياء كنت أقف أمامها كانت تبوح لي بأسرار عديدة، ولكن على سبيل المثال من أغرب الحالات عندما عملت على مشروع لفحص الآثار والمومياوات والكنوز المخزنة في "بدروم" المتحف المصري القديم في ميدان التحرير، وهو عبارة عن كنز حقيقي، حيث يتواجد على مساحة 5400 متر مربع، ويحوي 46 غرفة من المخازن، وأكثر من 100 ألف قطعة، هذه القطع مرَّ على اكتشافها أكثر من 120 عامًا، ولم يتم فحصها، حيث تم تخزينها على وضعها الذي تم العثور عليه في المواقع الأثرية.

وكان مشروعي الرئيس هو فحص الآثار المغلقة بالكامل، ولم يتم فتحها مثل الصناديق والتوابيت باستخدام الأشعة، وخلال هذا المشروع فوجئت بجرة من الفخار مُحكمة الغلق وعلى فوهتها خصلة شعر دون معرفة بما يوجد داخلها، وبعد استخدام الأشعة كانت المفاجأة أن داخلها طفلًا محنطًا عمره 5 أشهر، والأكثر إثارة أن عملية تحنيطه كانت متطورة للغاية، وتمت بشكل جيد جدًا بعد إزالة المخ من الجمجمة، وإزالة الأحشاء، وهذا الكشف قمنا به دون أن يتم فتح الجرة أو كسرها.

ومن الحالات الغريبة أيضًا، كانت دراسة مومياء الملك أمنحتب الأول والتي لم يتم فك اللفائف عنها منذ اكتشافها على عكس باقي المومياوات الملكية، وقمت بدراستها باستخدام الأشعة التشخيصية، ولأول مرة تم التوصل لوجه أمنحوتب بعد أكثر من 3 آلاف عام، وكشف ما بداخل المومياء من 30 تميمة، حيث كان يرتدي حزاما من الذهب، يوجد به 34 خرزة ذهبية، وهذا الكشف، حصل على المركز الأول عالميًا، العام 2022، على مستوى آثار العالم.

"إرم نيوز": شاركتي في دراسات وأبحاث أعادت كتابة التاريخ الذي كتب سابقًا بشكل مغلوط، فما أبرز الوقائع؟

سليم: التاريخ وعلم المصريات يحوي الكثير من الحكايا الشعبية، والقصص والتكهنات، ومع الوقت أحيانًا بعضها أخذ قوة المصداقية من كثرة التكرار دون سند علمي، ولكن دخول الأجهزة والفحوص العلمية التي تخدم علم الآثار أعطى مصداقية أكثر وأعاد كتابة التاريخ بشكل صحيح، فعلى سبيل المثال لفترة طويلة كان ثابتًا أن الفرعون المقصود في قصة نبي الله موسى المذكور في القرآن هو رمسيس الثاني.

هذا الأمر شغل الأثريين كثيرًا، خاصة أن الشغل الشاغل للكثيرين كان ربط القصص القرآنية بالتاريخ وأحداثه، وهذا أمر من الصعب إثباته بالعلم الحديث، ولكن يمكن نفيه.

في عملية التحنيط كان المصري القديم يترك القلب مكانه كونه -وفقًا للمعتقد المصري القديم- مبعث الروح.

فعلى سبيل المثال التصقت هذه الرواية برمسيس الثاني كونه توفي عن عمر 90 عامًا، وحكم 66 عامًا، ومن هنا رجح البعض أن يكون هو فرعون موسى كون تلك الفترة هي التي تسمح له بتربية النبي موسى ثم يعيش فترة طويلة تجري خلالها الأحداث.

لكن بعد الأشعة التي قمت بإجرائها على مومياء الملك رمسيس الثاني اكتشفت أنه يعاني من تقوّس شديد جدًا بالظهر والرقبة "اتب" لدرجة أن المحنطين حتى يتمكنوا من وضع جثمانه مستويًا داخل التابوت اضطروا لكسر رقبته حتى يتمكنوا من غلق التابوت.

وضع يديْ الملك رمسيس الثاني كانت من الأمور التي دفعت البعض للترويج لرواية أنه فرعون موسى، باعتبار أنهما كانتا على هيئة أقرب لقيادة عجلة حربية، ففسر البعض أنه مات على هذه الهيئة خلال ملاحقة النبي موسى وغرقه في البحر على هذا الوضع.

أخبار ذات صلة

074a0629-f049-48a6-92aa-0c7aee8dde94

كشف أثري "نادر" قد يقود العلماء إلى حل أسرار التحنيط لدى المصريين القدماء

           

ولكن بعد الفحص، توصلنا إلى ما ينفي ذلك، فكيف لشخص مات في سن الـ 90 عامًا، وكان يعاني من تقوس شديد يكاد يحتاج معه لأحد ليساعده على الحركة أن يقود عجلة حربية ويطارد سيدنا موسى، هذا أمر مستبعد تمامًا.

ومن بين الأمور التي كتبت بشكل خاطئ أيضًا في التاريخ القديم ملابسات مقتل الملك "سكنن رع" والد أحمس محرر مصر من الهكسوس، الذي تم العثور على المومياء الخاصة به في الخبيئة الملكية، وعند فك اللفائف عنها صُعِق الواقفون وقتها من كم الضربات في وجه الملك ورأسه.

لم يكن معروفًا أن الملك "سكنن رع" خاض أي حروب ضد الهكسوس، وتضاربت الأقوال في علم المصريات، وقيل إنه مات على سريره نتيجة مؤامرة داخل القصر الملكي في صراع على الحكم.

تم الكشف عن جرة من الفخار يوجد داخلها طفل محنط عمره 5 أشهر.

ولكن بعدما قمت بعمل الأشعة المقطعية، لفت نظري أن كل الجراح موجهة لمنطقة الوجه والرأس فقط، كما لاحظت أن اليدين ليستا في وضع انبساط ولكنهما كانتا في وضع تقوس شديد، وأن هناك ضربات أعلى الرأس رغم أن الملك كان يوصف بأنه طويل وبلغ طوله 170 سم.

واكتشفت بعد رسم سيناريو تخيلي على ضوء نتائج الأشعة والدراسة، أنه كان راكعًا ومقيد اليدين إلى الخلف وتم الهجوم عليه بعدة طعنات، ولكن في البداية لم يكن بمقدوري تفسير تلك الطعنات وسببها.

بعد ذلك بحثت بشكل موسع في الأسلحة التي استخدمها "الهكسوس" خلال فترة احتلالهم لمصر، وعثر عليها في عاصمتهم في تل الضبعة بمحافظة الشرقية حاليًا، إلى جانب المقاتلين الهكسوس في مقابرهم، وكانت جميعها بعد اكتشافه مخزنة في المتحف المصري، ودرست بالفعل 6 أسلحة من المستخدمة في عملية أشبه بما يقوم به الطب الشرعي حاليًا، فوجدت أنها المستخدمة في ضرب سكنن رع.

ورسمت المشهد التخيلي، الذي كان فيه التركيز على أنف الملك، حيث تم تهشيمه بالكامل، ويرجع تفسير ذلك كون الأنف رمز العزة والفخر، فكان المراد هو كسر أنف مصر.

الدراسة أثبتت أن الملك بالفعل كان في معركة، وكان بها كرٌّ وفرٌّ، وأن المقاتلين الذين كانوا برفقته لم يتركوه، بل استطاعوا تخليصه وعادو به إلى مصر، ولماذا نقول هنا إنهم عادوا به، لأننا وجدنا بعد الأشعة آثار تحلل بعض الشيء في الجثمان المحنط، بالإضافة إلى أن المخ كان متكتلًا في الجانب الأيمن، ما يعني أنه وضع لفترة من الزمن قد تكون يومًا أو يومين لحين الوصول إلى عملية التحنيط.

كما اكتشفنا أيضًا أنه لم يتم تحنيط الجثمان في الطريق، ولكن في الورشة الملكية، وتوصلنا لتلك النتيجة لكون عملية التحنيط كانت على مستوى عالٍ من الاحترافية، كما أن المحنطين قاموا بعمليات تجميل خلال عملية التحنيط لتغطية الجراح.

المصري القديم أول من استخدم الأطراف التعويضية في العالم ومن ذلك قدم تعويضية لابنة أحد الكهنة.

الأشعة والعلم منحا "سكنن رع" حقه التاريخي كبطل بدأ عملية طرد "الهكسوس" المحتلين، حيث إنه هو من أجَّج الثورة ضدهم، وإعادة كتابة التاريخ هذه هي التي جعلت مومياء "سكنن رع" تتقدم موكب المومياوات الملكية مؤخرًا، خلال نقلها من المتحف المصري بالتحرير إلى متحف الحضارات.

ومن الوقائع الأهم الأخرى أيضًا التي أعيدت كتابتها بشكل صحيح، بعد استخدام علم الأشعة، هي واقعة وملابسات مقتل الملك "رمسيس الثالث" الذي يُعد آخر الملوك الفراعنة العظماء، حيث بدأت بعده عصور الاضمحلال.

فكانت بردية تسمى "بردية تورينو" تتواجد في إيطاليا حاليًا، وكانت تعرف أيضًا بـ"البردية القضائية "، تقرر أنه في عهد الملك "رمسيس الثالث" حدثت مؤامرة على حياته، وكانت بواسطة إحدى زوجاته، التي كانت ترغب بتنصيب ابنها على العرش كوريث بدلًا من ولي العهد الشرعي رمسيس الرابع.

ووفقًا للبردية، تم إلقاء القبض على بعض الحرس الملكي، وبعض السيدات ولذلك كانت تسمى بمؤامرة " الحريم" وتم إعدام ابنه الأمير كنتائور الذي كان يتم تجهيزه.

هذه البردية لم تحسم مصير الملك: هل هو عاش بعد تلك الواقعة واكتشاف المؤامرة، أم أنه قتل خلالها؟، حيث إن المصري القديم يرفض ذكر مقتل ملوكه، وما زاد الحيرة أن البردية ذكرت أن المحكمة التي حاكمت المتآمرين كانت تتلقى أوامرها من الملك، دون أن تذكر شخصيته: هل هو رمسيس الثالث نفسه أم ابنه رمسيس الرابع؟، حتى أجريت الأشعة المقطعية، فوجدت أن هناك عملية نحر "ذبح" بخنجر، حيث وصل نصل الخنجر لفقرات الرقبة، وكان بواسطة مهاجم من الخلف، كما اكتشفت بترًا في قدم الملك اليسرى، حيث كان من جانب مهاجم آخر مواجه للملك، لكون هذا البتر يحتاج لآلة حادة للغاية وثقيلة مثل الفأس أو البلطة، هذا الوضع بالكامل أكد أنها كانت جراحًا قاتلة للملك وأظهر مسرح الجريمة التي حدثت من 3 آلاف عام، حيث تخيلنا المشهد بالكامل بواسطة علم الأشعة، فالملك لم ينجُ من المؤامرة.

"إرم نيوز": دراسة المومياوات الملكية فتحت الباب لمعرفة الكثير من الكواليس والخفايا بشأن حياة المصريين القدماء، فما أبرز التصورات التي أعادت الدراسة صياغتها؟

سليم: كان لي الشرف بفحص 40 مومياء ملكية، حيث قمت بفحص الـ22 مومياء التي انتقلت لمتحف الحضارة خلال الموكب.

من بين الأمور التي عكفت على دراستها، هي عمليات التجميل التي أجراها المصريون القدماء، وهذا لم يكن معروفًا إطلاقًا، فتم وضع الحشوات تحت الجلد في عملية التحنيط لإعطاء الوجه رونق الحياة في العالم الآخر حتى لا تكون جلدًا على عضم كما نقول في المصطلح الشعبي، في عملية تشبه عمليات التجميل الحالية.

فبعد الأشعة المقطعية التي أُجريت وجدت أن الحشوات وضعت بشكل متناسق باستخدام "المادة الحلم" التي لم تتشقق، ولم تنكمش لتحافظ على شكل الملوك رغم مرور آلاف السنين.

هذا يدل على معرفة المصري القديم بعلم التجميل حيث كان يتم وضع الحشوات في الأماكن الثلاثة في الوجه التي يقوم جراحو التجميل حاليًا بوضع الحشوات بها، وهي بين الأنف والفم، والخدود، فالمصريون القدماء هم أول من اكتشف علم التجميل.

ومن الأمور الأخرى التي اكتشفناها، هو استخدام المصري القديم للأطراف التعويضية، فهم أول من استخدم جهازًا تعويضيًا في العالم، وكان عبارة عن قدم تعويضية لابنة أحد الكهنة وتعود إلى تاريخ 900 قبل الميلاد.

وكان لدى تلك الفتاة بتر في الإصبع الأكبر في القدم اليمنى، ومما اكتشفناه أن هذا البتر تم بعملية جراحية كاملة ودقيقة، وهو ما يدل على أن المصري القديم أجرى عمليات جراحية ناجحة، وكان عنده التعليم الطبي الكافي، والأطباء، والأدوات، والتخدير، حيث كان يستخدم زهرة الخشخاش والمضادات الحيوية، فكان يستخرج من شجرة الصفصاف أصل مادة الأسبرين لتسكين الألم، كما استخدم العسل كمضاد للبكتريا، واستخدم الخبز المتعفن كمضاد حيوي، حيث اكتشف لاحقًا البنسيلين.

أخبار ذات صلة

9fb50ed5-b4d3-4b81-b655-20708abeb0e7

تضمن 85 مقبرة فرعونية.. مصر تعلن عن كشف أثري ضخم في سوهاج

           

فالمصري القديم كان عنده تسلسل واضح للأطباء ، بدأ من الطبيب المتدرب والطبيب المعلم، حتى الوصول إلى طبيب الشمال والجنوب، وهو ما يعادل وزير الصحة في العصر الحالي.

"إرم نيوز": كانت هناك تجربة تمت في متحف ليدز بإعادة إنتاج صوت مومياء لأحد الكهنة المصريين القدماء؟

سليم: هذا الأمر غير صحيح مطلقًا، وهدفه الفرقعة الإعلامية، وخطأ بالأساس، فالصوت يخرج من أشكال ومكونات كثيرة منها الأحبال الصوتية والغضاريف التي تحتاج لمرونة، وغير قاصر على شكل تجويف مجرى الصوت أول الحنجرة، فالصوت الذي انتجوه كان أمرًا هزليًا، كون كل مكونات مجرى الصوت والحنجرة قد تيبست.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC