في قلب الريف الأخضر غربي إيرلندا، وتحديداً داخل فندق The Lodge at Ashford Castle العريق، تنقلب المفاهيم التقليدية للتعامل مع بقايا الطعام.
ففي مطبخ هذا الفندق، لم تعد النفايات تُرمى، بل تحوّلت إلى مكونات مبتكرة تُستخدم في مشروبات ومقبلات وحتى سماد عضوي يغذّي حديقة الفندق.
النتائج كانت "مبهرة" فخلال عام واحد فقط، تمكن الفندق من تقليص نفايات الطعام بنسبة 60%، وخفض الفاقد من التقطيعات بنسبة 90%، ما ساهم بتوفير أكثر من 11.5 طن من الطعام، وتجنب انبعاث 50 طناً من غاز الكربون، إلى جانب توفير مالي تجاوز 16 ألف يورو سنوياً.
وراء هذه الأرقام يقف الشيف التنفيذي جوناثان كين، الذي آمن بأن الاستدامة الحقيقية لا تُبنى على مبادرات رمزية، بل على تغييرات ملموسة. وقد شكّلت شراكته مع شركة "Winnow" البريطانية، المتخصصة بتحليل نفايات الطعام بالذكاء الاصطناعي، نقطة تحوّل. فبات يتلقى، يومياً، تقارير دقيقة مدعومة بالصور حول ما يتم التخلص منه، ما يسمح له باتخاذ قرارات فورية لتقليل الفاقد.
بقايا الطعام، من قشور البطيخ إلى قشور البصل، أصبحت تُستخدم في صنع شراب محلّى، كب كيك، ومقبلات ترحيبية. أما ما يتبقى، فيُنقل إلى جهاز يحوّله إلى سماد طبيعي يُستخدم في الحديقة العضوية التي أنشئت خلال الجائحة.
طموح كين يتجاوز المطبخ، إذ يعمل على تطوير مشاريع، مثل: بيت زجاجي، وحدة تقطير محلية، ونظام "أكوابونيكس" يجمع بين الزراعة وتربية الأسماك، بهدف الوصول إلى الاكتفاء الذاتي الكامل.
وتأتي هذه الجهود في وقت يعاني فيه قطاع الضيافة من أزمة هدر غذائي، حيث تنتج الفنادق والمطاعم أكثر من 25% من نفايات الطعام عالمياً، وفقاً للأمم المتحدة. ومع ذلك، بدأت بعض الفنادق، مثل: هيلتون طوكيو، ونوفوتيل لندن، باتباع خطوات مماثلة.
يرى كين أن التغيير يبدأ من طريقة التفكير، لا من الأدوات. فالمطبخ الناجح في تقليل الهدر هو ذاك الذي يُعامل المكونات والبشر باحترام. ويأخذ فريقه في جولات ميدانية لجمع الأعشاب البرية، بمشاركة بعض الزبائن أحياناً، في تجربة تهدف لزرع الوعي لا فرضه.
يقول كين: "نحن لا نعظ. فقط نأخذ الضيف في رحلتنا، على طريقته الخاصة. ونأمل أن تترك أثراً بعد رحيله."
