جاء فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة "أبي القاسم الشابي" في الشعر، بمثابة تكريم لتجربة ممتدة ولافتة في الثقافة العربية تتجاوز حدود الإبداع الشعري إلى فضاءات النقد والفكر والتنظير والترجمة والعطاء الأكاديمي.
وحصل داغر على الجائزة المرموقة التي تأسست في تونس عام 1984 عن ديوانه "يغتسل النثر في نهره" نظراً "لاختلاف الديوان عن كثير من السائد في قصيدة النثر وفي البناء الشعري والمعرفي، وما احتواه من لغة حية وبنية محكمة"، بحسب ما جاء في حيثيات الفوز.
وحصل داغر على شهادتي الدكتوراه في "الآداب العربية" و"جماليات الفنون"، وصدر له العديد من الدواوين منها "القصيدة لمن يشتهيها"، "حاطب ليل"، "فتات البياض"، كما صدرت له روايات "وصية هابيل"، " بدل عن ضائع"، "شهوة الترجمان".
ومن أبرز مؤلفاته الفكرية "العربية والتمدن - في اشتباه العلاقات بين النهضة والمثاقفة والحداثة".
ومن المحطات اللافتة في مسيرة داغر علاقته الفريدة بالشاعر السوري الكبير أدونيس الذي يعترف أنه بمثابة "أستاذه" على مستويات عدة أبرزها الشعر والنقد، إلا أن داغر عاد في مراحل تالية في مسيرته وأعلن تمرده على الأستاذ من خلال معارضته بقوة في العديد من القضايا.
وأثار أدونيس ضجة كبرى وجدلاً واسعاً حين أكد في مواقف ومناسبات مختلفة أن الثقافة العربية "أفلست" ولم يعد لديها الجديد لتقدمه منذ نحو ألف عام.
وأكد داغر أنه لا يحب مثل هذه الأحكام مطلقا خاصة حين نتناول ثقافة كاملة، مشيراً إلى أن موقف أدونيس من الثقافة العربية قد يكون صادراً فى "لحظة انفعالية"، لكنه لا يزن كثيراً فى ميزان الدرس العلمي، على حد تعبيره.
وتابع أنه يأسف لأن يقول هذا الكلام في أستاذه، لكنه لا يستطيع أن يسقط ابن خلدون، أو ابن رشد وسواهما من عظماء تلك الثقافة الممتدة.
وأضاف: "قد يكون لأدونيس وجهة نظر تقوم على سؤال:هل اعترف الغرب بقيم الثقافة العربية أم لا؟ وهو ربما محق من هذه الناحية".
وسئل داغر في سياق آخر، عن فلسفته تجاه الحياة، هل يراها "تعب كلها" مثل المعري أم "عقيدة وجهاد" مثل أحمد شوقي، فقال إنه مع العمر انتبه إلى أن اللحظة عنده أساس، بمعنى "عيش اللحظة"، أياً كانت تلك اللحظة، إذ يقرأ، يشرب، يحب، أي لحظة كانت يطمع دائماً في أن يقوى على عيشها كما تستحق وبما يجلب له متعة.
وأضاف: "بهذا المعنى أظن أنني أعود إلى فكر قديم عند الإغريق، لكنني أشعر أيضا بأنني متوافق مع زمننا الحالي السريع، والذي لا يوفر لنا فى الغالب فرصة لعيش ما نعيش".
وتابع : "عيش اللحظة بالنسبة لي هو نوع من التمهل فى حركة الزمن، والتنبه لهذه الحركة، والتمتع بما يمكن لي أن أجده متعة فى الحياة. تبقى السعادة بالنسبة لي عنصراً حاسماً في تقديري".