في بلدة وادير في شرق أفغانستان، لم تسلم أيّ أسرة من تداعيات الزلزال الذي ضرب المنطقة ليلاً، فكلّ عائلة تبكي ميتاً أو جريحاً على الأقل وكلّ منزل نال نصيبه من الأضرار.
تفوح رائحة الموت في المنطقة التي حلّ بها الخراب، حيث يعثر المرء على جيف مواشٍ وسط قطع خشب تداعت من المنازل.
ومن بعيد يُسمع نحيب النساء اللواتي نقلن إلى تخوم البلدة، بعيداً عن أنظار الوافدين الجدد لمعاينة الأضرار.
وفي موقع منزل مدمّر، يعمل مسعفون استُقبلوا كالأبطال لدى وصولهم في مروحيّة وسكّان على رفع الأنقاض، بالرغم من الهزّات الارتدادية التي ما زالت تضرب المنطقة.
وانتشل أحد المسعفين امرأة من بين الركام. وصرح لوكالة "فرانس برس" قبل استئناف مهمّته الشاقة "عندما أخرجناها، قالت إنها قلقة على أولادها الذين ما زالوا عالقين".
وكلّ أربع ساعات، تحطّ مروحيّة في المنطقة وسط ضجّة كبيرة، ويخرج منها جنود يقدّمون الطعام والماء للسكّان وينقلون الحمّالات التي وضع عليها الجرحى الذين هم في حالة خطرة.
وينقل هؤلاء، وهم رجال ونساء وأطفال كانوا مثل غيرهم في البلدة نائمين وقت حدوث الزلزال إلى المستشفى في جلال آباد، عاصمة ولاية ننغرهار على بعد حوالي أربعين كيلومتراً.
ومن المستحيل السير على الطرقات الجبلية التي هي أصلاً وعرة بعدما جرفت انزلاقات للتربة تلت الزلزال عدداً كبيراً منها.
ومنذ منتصف الليل، بدأت المنطقة تحصي ضحاياها.
وأعلنت أفغانستان التي تعدّ من أفقر دول العالم وغالباً ما تصيبها كوارث طبيعية من المتوقّع أن تتزايد بفعل التغيّر المناخي، مصرع مئات الأشخاص.
ونُقل آلاف الجرحى إلى المستشفيات، حيث انكبّ أطباء وممرضون على معالجتهم.
وفي وادير، وهي بلدة جبلية كان يقطنها الآلاف على تخوم إقليم كونار، لا يجرؤ أحد بعد على إعداد حصيلة الضحايا.
لكن لم تسلم "أيّ أسرة" من أضرار الزلزال، على ما قال غول محمد رسولي (55 عاماً) لوكالة فرانس برس، مؤكداً أن "كلّ عائلة فيها قتيل أو جريح على الأقل".
وقال إمام البلدة عرفان الحقّ إن وادير تضمّ "ما بين 1000 و1200 منزل كانت تعيش في نصفها عائلات عادت لتوّها من باكستان" التي شنّت حملة لطرد ملايين الأفغان من أراضيها.
غير أن محمد جواد لم يشهد منذ 20 عاماً زلزالاً بهذه القوّة إذ بلغت شدّته ست درجات على مقياس ريختر، فيما تخطّت قوّة الهزّات الارتدادية خمس درجات.
بعدما اهتزّت الأرض بسكان المنطقة، توجهت أنظار هؤلاء نحو السماء حيث تتكدّس غيوم سوداء لا تبشر بالخير. فقد تتساقط الأمطار قريباً فيما يغرقون في الظلمة.