يكوّن الأطفال في مخيلاتهم صديقًا وهميًا، يتخذونه رفيقًا لهم أثناء اللعب، فيطمئنونه ويسلّونه ويلوذون إليه في لحظات ضعفهم.
لكن هل تمثل تلك الظاهرة خطورة على الأطفال من الناحية النفسية؟.
تقول صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية في تقرير لها، إن "دراسة أمريكية أجرتها جامعتا أوريغون وواشنطن، منذ العام 2004، أظهرت أن 65% من الأطفال فوق سن السابعة الذين شملهم الاستطلاع لديهم صديق وهمي في مرحلة ما من حياتهم"
وأشارت الدراسة إلى أنه "في 67 % من الحالات، كان هذا الرفيق غير مرئي، وفي 33 % من الحالات الأخرى تجسد في إحدى ألعابهم".
وتنقل الصحيفة عن أدريان بلانك، أخصائي علم النفس السريري في مركز الطب النفسي ومؤلف كتاب "دودو، الكائن الانتقالي الذي يجعلك تنمو"، إن "تلك الظاهرة ليست مقلقة".
وأضاف بلانك أن "الصديق الوهمي ليس هلوسة يحتفظ بها الطفل لنفسه بمفرده بل يجعله يعيش بصورة صريحة من خلال التحدث معه أثناء ألعابه أو التحدث عنه مع والديه، وإذا استحضره في مواقف معينة فذلك لأنه يحتاج إليه".
ويصنف عالم النفس "الصديق الخيالي" في فئة الظواهر الانتقالية، أي "الأفعال والأفكار والطقوس التي تجعل من الممكن نسج الجسور بين العالم الداخلي والعالم الخارجي".
وبحسب الخبير، فإنه "فعل اللعب أو احتضان لعبتك المحبوبة، أو الغناء الرقيق في أذن الطفل ليغفو، أو حتى التحدث إلى صديق موجود من أجل ذلك الطفل فقط".
من جهته، يحدد طبيب الأطفال والمحلل النفسي البريطاني دونالد وودز وينيكوت، وظيفة هذه المرحلة الانتقالية بأنها "احتواء لقلق الطفل".
وقالت عالمة النفس إليزابيث برامي، إنه "في بعض الحالات يكون الصديق الخيالي بمثابة دعامة في مواقف جديدة مثل الانتقال أو المواقف الأسرية الصعبة".
وأوضحت أنه "إذا كان الطفل لا يستطيع التعبير عما يدور داخله بطريقة أو بأخرى، يمكنه إنشاء شخصية تسمح له بالمناقشة مع شخص آخر، لأنه غالبًا ما يفعل ذلك بصوت عالٍ".
وذهب الباحث أدريان بلانك، إلى القول إنه "بفضل هذا الصديق سيطور الطفل ثقته بنفسه، ويفهم بشكل أفضل ما يحدث له".
ويؤدي الصديق غير المرئي أو المتجسد في تمثال أو دمية أيضًا، وظيفة إبداعية للطفل.
وأكدت إليزابيث برامي، أنه "بين سن الثالثة والخامسة تربط الأطفال علاقة خاصة بين الواقع وغير الواقعي، ومن خلال تكوين صديق فإن الطفل يلعب بملَكة الخيال هذه التي ستكون ثمينة بالنسبة إليه طوال حياته، وسيسمح له ذلك بالهروب من الملل اليومي عن طريق خلق أو الانغماس في إبداعات الآخرين".
وأضافت برامي: "قد يصبح ترسيخ هذه الصور أمرًا غريبًا بالنسبة للطفل، لأنه لا ينخدع، ويعرف أنه الوحيد الذي يرى صديقه ويعرف أن والديه لا يريان ما يرى".
واعتبر أدريان بلان، أن "الترحيب بصديق وهمي والتسامح معه يكفيان تمامًا لمنح الثقة للطفل".
وتابع: "هذا يرقى إلى مستوى احترام الحياة النفسية للطفل، لكن يجب ألا نسعى إلى تعزيز هذا الكائن الخيالي واستدعائه إلى الواقع الفعلي للآباء، حيث إن هذا الصديق يؤدي دوره مع الطفل فقط لأن الطفل يسيطر عليه تمامًا".