logo
منوعات

رغم كورونا.. فن الشارع يبعث الحياة في تونس

رغم كورونا.. فن الشارع يبعث الحياة في تونس
04 يناير 2022، 8:23 ص

لم يعد شارع الحبيب بورقيبة، أشهر شارع في تونس والمكان الذي اندلعت منه الشرارة التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، رمزا للثورة فقط، بل أصبح فضاء يشهد زخما فنيا وثقافيا ينبض بالحركة والحياة.

ملتقى للفنون

خلال السنوات الأخيرة تحول شارع الحبيب بورقيبة، وبعض الأنهج المتاخمة له مثل شارع مرسيليا وساحة برشلونة في قلب العاصمة تونس، من ساحة للمظاهرات الاحتجاجية إلى ملتقى للفنون.

كما تحول الشارع لمكان يرتاده الشبان من أجل عزف شتى ألوان الموسيقى وعرض مواهبهم على المارة في ظاهرة تنتشر يوما بعد يوم، لكي تصبح بديلا أمثل لثقافة العروض داخل القاعات والفضاءات المغلقة.

في الشارع الأكبر بالعاصمة تونس، ومع اقتراب موعد غروب الشمس، يحل نجيب، وعازفون آخرون ثم ينطلقون في مداعبة الآلات الوترية البسيطة التي عادة ما تطرب السامعين من المارة أو من المتجولين في الشارع..

وفي مساء كل يوم، يلتقي الشبان وسرعان ما ينطلق العزف والغناء، هم يؤدون أغاني أقرب إلى الفن الملتزم والموسيقى الثائرة.

الحلقة المفقودة

يقول نجيب، وهو أحد العازفين في فرقة موسيقية عرضية تغني في شارع الحبيب بورقيبة: "لا نحصل على الأموال مقابل هذه العروض، نحن نمارس هوايتنا ونجد راحة كبرى في الغناء هنا، عادة ما يقدم لنا المتفرجون والمارة بضع قطع نقدية ولكن إجمالا لا نحصل على أية أموال".

وبين أغاني مارسيل خليفة والشيخ إمام، وألحان موسيقى "الريغي" ذات الأصول الأفريقية، يغرق نجيب، وسائر أعضاء الفرقة في مداعبة آلاتهم وإمتاع المارة والمتفرجين بأصواتهم الممتعة.

أما المقابل المالي الذي يحصل عليه هؤلاء الموسيقيون الهواة لقاء عزفهم وغنائهم، فهو الحلقة المفقودة في تلك العروض الغنائية اليومية التي تشرئب إليها الأعناق أحيانا بين مرتادي المقاهي الموجودة في شارع الحبيب بورقيبة.

أما بعض المارة فكثيرا ما تستوقفهم الأصوات المنبعثة من داخل دائرة العرض فيقفون لوقت طويل وهم يرددون مع الفرقة الموسيقية الألحان.

ويكشف المغني والعازف خالد فرجاوي أنه كان أول من مارس موسيقى الشارع في العاصمة تونس، وذلك ضمن مجموعة من الموسيقيين الهواة أطلقت على نفسها اسم "آر إيز أن آرم" (الفن هو السلاح)، رغم الصعوبات الكبيرة التي كانوا يتعرضون لها بدعوى عدم الحصول على ترخيص قانوني للغناء في الشوارع.

ويقول خالد في حديثه لـ "إرم نيوز": "كانت التجربة رائعة، تعلمنا منها أشياء رائعة وأطربنا المارة دون مقابل، الشارع كان ملاذنا الوحيد للتعبير عن مواقفنا عبر الموسيقى، تعرضنا لملاحقات البوليس وتم اعتقالنا أكثر من مرة ولكن ذلك لم يثننا عن ممارسة فننا".


e5bfe717-658d-4123-bca0-fed23e6e4dff



وأضاف: "الموسيقى كانت ولا تزال عالمنا السحري الذي تحدينا فيه كل العراقيل لنمنح شيئا من السعادة للمستمعين العابرين، كما ساهمنا بأغانينا الملهمة في ثورة الحرية".

جمال بالطيب، كان مصحوبا بابنيه، وتوقف لمشاهدة العرض والاستماع للأغاني: "أعجبتني هذه الظاهرة، هؤلاء الشبان يؤدون أفضل مما يغني بعض الفنانين المحترفين، الشارع في حاجة إلى الحركة والفعاليات الثقافية، الأطفال بدورهم طربوا كثيرا لهذا العرض".

ويضيف: "في ظل غلق بعض القاعات بسبب تفشي فيروس كورونا، أعتقد أن فن الشارع قادر على أن يكون بديلا لتلك العروض في فضاءات مغلقة، رغم أن جودة العروض مختلفة وكل شيء مختلف تقريبا بين موسيقى الشارع وعروض الفضاءات الرسمية".

بلا شروط

ومن جانبه، يرى حمدي الجازي الذي كان برفقة صديقته الطالبة الجامعية بصدد متابعة أحد العروض الموسيقية بشارع مرسيليا، أن موسيقى الشارع لا تتقيد بشروط تنظيمية صارمة، وعادة ما تأتي في سياق تلقائي؛ ما يجعلها تنفذ إلى السامعين وتطرب المارة دون أن تكلفهم عناء التنقل إلى القاعات أو الوقوف في طوابير طويلة قبل الدخول إلى الفضاءات الكلاسيكية للعروض الفنية.

وفي ظل القيود القانونية والشروط الصارمة لإقامة الحفلات الموسيقية في الشوارع، تصطدم بعض العروض بعراقيل عدة، ففي العام 2020 منعت العازفة التونسية ياسمين عزيز من تقديم عرض غنائي في ساحة القصبة بالعاصمة؛ بذريعة عدم الحصول على ترخيص مسبق.


1e45f674-3fd1-4e04-9b9f-1547f06d6380



لون فني حديث

وبدوره يقول مروان الماجري، وهو عازف غيتار ومغن محترف، إن ظاهرة فن الشارع فرضت نفسها بقوة في السنوات الأخيرة؛ بسبب هروب عشاق الموسيقى من صخب القاعات ورغبتهم في متابعة موسيقى مختلفة عن السائد وخارجة عن المألوف.

ويضيف مروان لـ"إرم نيوز": "موسيقى الشارع لون فني حديث لكنه يكتسب شيئا فشيئا مكانته في الوسط الفني، الجمهور عادة ما يذهب إلى القاعات والفضاءات لمشاهدة العروض والاستمتاع بالموسيقى، ولكن في فن الشارع المغنون هم من ينزلون ضيوفا على الجمهور ويقدمون عروضهم أمام المارة دون كثير من الإجراءات التنظيمية".

ويتابع مروان: "يعجبني هذا النمط الموسيقي، ففضلا عن كونه ينشط الحركة في الشوارع ويحرك شيئا من الركود في العاصمة، فإنه يمكن أن يمنح بعض الموسيقيين الهواة الفرصة للكشف عن مواهبهم المغمورة".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC