يعاني القطاع الطبي في العراق من تدني مستوى الخدمات المتوفرة وسط اتهامات بإهمال المستشفيات والأطباء، في ظل تفشي وباء كورونا، وحديث عن أرقام مغايرة لتلك التي تعلنها وزارة الصحة.
ويقول الأطباء إن المئات من زملائهم أصيبوا بالفيروس، كما أن العاملين الذين يخضعون لاختبارات الوباء يباشرون العمل إلى حين ظهور نتيجة التحاليل، في ظل تدني أوضاع نظام الرعاية الصحية في البلاد.
وقال رئيس نقابة الأطباء العراقية، عبد الأمير محسن حسين، إن "المستشفيات العراقية تنشر العدوى بدلا من علاجها، لقد تقاسم هؤلاء الأطباء الصالات وتشاركوا غرف النوم، وفي الأسابيع المقبلة، سنرى تأثير ذلك".
وأعلنت وزارة الصحة الجمعة أن إجمالي الإصابات بالفيروس ارتفع إلى 27352 إصابة، من بينهم 925 حالة وفاة.
وقال طبيب يدعى ياسر إنه كان من أوائل الأطباء الذين أصيبوا بالفيروس التاجي، وخضع لفحص وحصل على إجازة من العمل في مستشفى بمدينة الصدر، إحدى ضواحي بغداد.
وأفاد "أصبح الوضع بأكمله خاطئا، أصدقائي من الأطباء الذين يصابون بالفيروس ينتظرون نتائج الاختبار لـ 10 أيام، على الرغم من أنهم يعرفون أنهم أصيبوا بالفيروس، والإدارة لا تهتم بسلامتنا، إنهم يهتمون فقط بأن الموظفين يعملون".
ولم تكشف وزارة الصحة رسميا عن عدد المصابين بالفيروس في القطاع الطبي، لكنها قالت الخميس إن حيدر هاشم المقصوصي، وهو ممرض يعمل في أكبر مجمع مستشفيات بالعاصمة، توفي بسبب مرض كوفيد-19.
وقال إبراهيم وهو طبيب في مستشفى الحسينية ببغداد: "نخوض حربا بأسلحة معيبة، حلمت طوال حياتي بأن أصبح طبيبا، لكنني نادم على ذلك الآن".
وأوضح إبراهيم أنه رأى زملاءه يصابون بالفيروس التاجي وسمعوا بحوالي 80 إصابة لآخرين، وقال إن ابن عمه، وهو طبيب في محافظة ديالى الشرقية، توفي في مارس، وهو يتوسل لسيارة إسعاف تنقله إلى منشأة تعالجه.
بدأ الفيروس الانتشار في العراق بعدما أصبحت إيران المجاورة مركزا للوباء، حيث سجلت إيران أكثر من 3000 حالة يوميا لمدة أسبوع تقريبًا بحلول نهاية آذار/مارس، وكان متوسط الحالات في العراق 80 حالة يوميًا.
ونقل مراسل لصحيفة واشنطن بوست، لدى زيارته لمستشفى رئيسي في بغداد، إن هناك العشرات من الأشخاص الذين ينتظرون اختبار الفيروس التاجي، وكان العديد منهم يسعلون بعنف.
وقال أدهم إسماعيل، مدير منظمة الصحة العالمية في العراق: "لو واجهنا هذه الأرقام في الموجة الأولى، لانهار النظام الصحي".
ومنذ ذلك الحين، قامت وزارة الصحة بتجهيز أجنحة خاصة لفيروس كورونا، ووسعت من قدرتها على الاختبار بسرعة بمساعدة منظمة الصحة العالمية.
ووصف الأطباء والعاملون في 4 مستشفيات ومختبر في بغداد، مجموعة واسعة من الحالات مع انتشار المرض، وتعاملت المستشفيات التي استقبلت الحالات الأولى للبلاد بشكل جيد نسبيًا مع الطفرة الأخيرة، وتم توفير مخزون محدود من معدات الحماية الشخصية للموظفين.
لكن الأطباء يقولون إن معدلات انتقال العدوى الداخلية منخفضة.
وقال محمد فنجان، طبيب عيون يعمل في مستشفى ابن الهيثم للعيون في بغداد: "نحن نتعامل مع هذا الوباء باحترافية، ولم تكن هناك حالات تلوث في جناح الفيروس التاجي خلال الشهر الماضي".
ومع ذلك، وصف العاملون في مستشفيات أخرى إجراءات الحجر السيئة، ونقص معدات الوقاية الشخصية وصفوفا طويلة من المرضى.
ويقول ياسر، من مدينة الصدر الفقيرة والمترامية الأطراف "إنه أمر صعب للغاية".
واستيقظت زينة الربيعية، وهي فنية في مختبر بغداد الذي يجري اختبارات فيروس كورونا، في يوم 28 أيار/مايو لتشعر بأن أطرافها ثقيلة للغاية بحيث يتعذر تحريكها، وفي الغرفة المجاورة، كانت والدتها تعاني من الحمى، وبعد أيام أثبتت الاختبارات أن كلتيهما تعانيان من الفيروس التاجي.
وأدركت ربيعة أن عملها هو ما تسبب في إصابتها، وقضت أسبوعا في المستشفى، وفي ذروة ألمها، كانت تخشى أن تستسلم رئتيها.