يواجه اليوتيوبر المصري أحمد الغندور، مقدم البرنامج الشهير "الدحيح"، اتهامات متزايدة بتشويه الحضارة الفرعونية في حلقته التي أثارت الجدل مؤخرًا، وحملت عنوان "نهاية الفراعنة – ألف سنة من الانهيار".
واتهم عدد كبير من علماء المصريات والخبراء في التاريخ القديم، الغندور بتقديم معلومات مغلوطة وأخطاء تاريخية على نحو كارثي، لكن بعض النشطاء على مواقع التواصل ذهبوا إلى مدى أبعد وأكثر خطورة، وهو الزعم بأن تلك الأخطاء "لم تكن عفوية، بل متعمدة من أجل طمس عظمة التاريخ المصري القديم"، على حد تعبيرهم.
وتتناول الحلقة عوامل الضعف والانهيار في الإمبراطورية الفرعونية التي امتدت إلى بلاد الشام وأجزاء واسعة من العراق وتركيا وليبيا، وكيف أن ضعف المركز في العاصمة كان يغري الأقاليم بالانفصال مع انتشار السرقة والفوضى، قبل أن يأتي حاكم قوي يعيد توحيد البلاد.
وانضم عالم المصريات الدكتور حسين عبد البصير إلى منتقدي الحلقة التي رأى أنها "تعكس جهلًا بالتسلسل الزمني وتضلل المتلقي" و"تدمج عصورًا متباعدة دون تفريق واضح بينها"، مثل الخلط بين الدولة الوسطى والهكسوس، فضلًا عن الادعاء بأن السودان يمتلك 220 هرمًا متفوقًا على مصر والمكسيك، وهي معلومة مغلوطة.
وأوضح أن مصر بها 138 هرمًا موثقًا، بينها أكبر وأعقد الأهرامات في العالم من حيث التخطيط المعماري والهندسي، أما الأهرامات السودانية، فهي صغيرة الحجم نسبيًا، ولا تقارن بما أنتجته الحضارة المصرية، كما تم تشويه النهاية البطولية لحكم الملك "بسماتيك الثالث"، الذي واجه الفرس ببسالة، وقُتل بعد مقاومة مشهودة، فهو لم يكن خائنًا، ولم يُسلّم الحكم، كما أوحى صناع الحلقة.
وأكد الدكتور حسين أن المصريين لم يتخلوا تحت الحكم الفارسي عن لغتهم، بل استمروا في استخدام اللغة المصرية في الحياة اليومية والدينية، مؤكدًا أن "ما شاهدناه ليس مجرد أخطاء عابرة، بل تشويه ممنهج لتاريخ أمة، يحمل في طياته مخاطر معرفية وتربوية جسيمة"، على حد تعبيره.
ومن الواضح أن اللغة الساخرة والتعليقات الفكاهية التي تميزت بها الحلقة تسببت في تصاعد موجة الانتقادات، لكن المؤكد أن هذا الأسلوب ليس جديدًا على الغندور، بل يعد سمة رئيسة في برنامجه الذي يمزج الترفيه بالتثقيف.
وفي مقابل الانتقادات، هناك من دافع عن الحلقة، مؤكدًا أنها ربما تتضمن أخطاء تاريخية، لا سيما أنها تغطي حقبة زمنية هائلة، لكن المؤكد أن الأمر لا يمكن أن يقع تحت طائلة التعمد.
وأحمد الغندور هو باحث وصانع محتوى مصري، ويعد أحد البارزين في مجال "تبسيط العلوم" عبر مزج المعلومة بالفكاهة وتحصد حلقاته مشاهدات مليونية، حصل على درجة البكالوريوس في "علم الأحياء" من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، كما صحل على درجة الماجستير في "علم التربية" من جامعة هونغ كونغ.