بلغت القرارات الصادرة عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، في فرض عقوبات اقتصادية وتجميد أرصدة على ميليشيا الحوثي الانقلابية في اليمن، حوالي أكثر من 20 قرارًا.
وشملت القرارات الأمريكية، شخصيات قيادية بارزة، وجهات وكيانات مرتبطة، وعلى علاقة وطيدة بالحوثيين، كما ضمت شخصيات إيرانية وآخرين من جنسيات متعددة.
ومنذ العام 2014، وتحديدًا عقب حوالي شهر ونصف من سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء، واجتياحها المحافظات اليمنية الأخرى بدأت واشنطن، في فرض تلك العقوبات، وبقي إصدار تلك القرارات العقابية محدودًا، ويسير برتم بطيء..
ولكن منذ استهداف الحوثيين للملاحة الدولية في البحر الأحمر، منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، باتت القرارات تصدر تقريبًا كل شهر، إن لم يشهد الشهر صدور أكثر من قرار فيه، فيما ما تم إصداره طيلة 9 أعوام قد يساوي ما أُصْدِر خلال الثمانية الأشهر المنصرمة.
وقال المحلل الاقتصادي محمد الجماعي، "إن القرارات المتتالية لوزارة الخزانة الأمريكية بشأن فرض عقوبات على شبكات مالية تخدم مشروع الميليشيا الحوثية، مؤشر على أن خطر الحوثي أصبح خطرًا دوليًا، ولم يعد محليًا لدرجة تدفع أمريكا لتتبع تلك الشبكات وفرض عقوبات عليها".
وأضاف لـ"إرم نيوز": "تتبع الولايات المتحدة سياسة مرنة في كثير من الملفات باستثناء ما يخص حركة الأموال والتحويلات، فإنها تتخذ سياسة صارمة وقاسية نوعًا ما".
وأوضح الجماعي: "شبكات التهريب شبكات معقدة، وتستغرق سنوات لبنائها بالتنسيق مع الأشخاص والجهات في عدد من البلدان، وبالتالي فكشف هذه الأعمال وتفكيكها، يؤثر على سلاسة تمرير الصفقات المشبوهة والوهمية، التي تستبطن مرور الأموال عبر تلك العمليات والأشخاص، وتتطلب وقتًا كبيرًا لقيام إيران وعملائها بتأسيس وإنشاء شبكة جديدة".
ومن جانبه، قال الباحث الاقتصادي معتصم الشبوطي: "هذه العقوبات لم تكن فاعلة في السابق، ولن تجدي في المستقبل؛ لأنها تفتقر لاستراتيجيات واضحة وتقييمات جدية لأثر العقوبات قبل إصدارها".
وعزا الشبوطي، في حديثه لـ"إرم نيوز"، وجهة نظره في عدم جدوى تلك العقوبات، إلى أن "هذه المؤسسات والكيانات والأشخاص المرتبطة بالحوثيين لم تترك أرصدة كبيرة مرتبطة بالسوق الأمريكي والخارجي بشكل عام".
وبين، "أن الحوثيين وصلوا إلى مستوى كبير من الاستحواذ على السوق المحلية، فتجد شركة سويد وأولاده للصرافة -إحدى شركات الصرافة التي فرضت بحقها قرار عقوبة-، على سبيل المثال، تملك سيولة كبيرة، وأصبحت تقوم بدور المقاصة بين شركات الصرافة غير الرسمية، وهناك العديد من شركات الصرافة لجأت إلى هذه الشركة، وغيرها من الشركات التي بنت إمبراطورية مالية جعلت الاستغناء عنها فجأة من السوق دون بديل، أمر بالغ التعقيد".
ولفت الشبوطي إلى "أن الحوثي لم يهتم بالمعركة العسكرية فقط، بل كانت هناك معركة اقتصادية يحشد لها الإمكانات منذ اليوم الأول، في ظل غياب التفكير الاقتصادي بالشكل المطلوب لدى الشرعية".
وتوقع قائلاً: "لذلك هذه القرارات أتوقع أنها لن تضر الحوثيين بالقدر المنشود؛ كونهم سيرمون عبئ هذه العقوبات على كيانات وشركات محلية، وهذا بدوره سيؤثر على السوق المحلية سلبًا".