وزير الإعلام اللبناني: الجيش سيباشر تنفيذ خطة بسط سيادة الدولة وفق الإمكانات المتاحة والمحدودة
وصلت أول باخرة محملة بالقمح، منذ سقوط النظام في 9 ديسمبر 2024، إلى مرفأ اللاذقية، بعد مناقصتين لشراء 200 ألف طن، أعلنت عنها الحكومة السورية في مارس الماضي، وفقاً لوكالة "سانا" السورية.
وخلال السنوات السابقة، عانت سوريا من تأمين الكميات الكافية من القمح المخصص لصناعة الخبز، بعد أن كانت تنتج قرابة 4.1 مليون طن سنوياً، وهو ما كان يحقق اكتفاءها الذاتي، قبل اندلاع الحرب عام 2011.
ورغم أن وكالة سانا الرسمية، لم تذكر مصدر الشحنة أو كميتها، إلا أن الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، قالت في حسابها على فيسبوك، إن السفينة تحمل 6600 طن من القمح، المرجح أن يكون روسياً، حيث ظهرت صور السفينة "بولا مارينا" التي ترفع العلم الروسي، وهي ترسو في ميناء اللاذقية.
وإثر وصول سفينة القمح إلى مرفأ اللاذقية، قالت الهيئة العامة للمنافذ البحرية، إن هذا يعتبر مؤشراً على تعافي اقتصاد سوريا، المنهك بالعقوبات الاقتصادية المفروضة من الولايات المتحدة والغرب عموماً.
لكن المحلل الاقتصادي محمد عيد، يقول لـ"إرم نيوز"، إن وصول أول باخرة قمح إلى اللاذقية، لا يعني انفتاحاً دولياً على سوريا. ويضيف: "من المبكر الحديث عن تعافي الاقتصاد السوري المنهار، بناء على وصول السفينة، فهو يحتاج إلى سنوات طويلة للتخلص من معاناته الكبيرة.
ويرى عيد، أن الاستيراد وحده، لا يمكن اتخاذه دليلاً على الانتعاش أو التعافي، لأن العبرة في الاستمرارية والقدرة على التمويل، ونيل ثقة الشركاء الدوليين. ويضيف:
"رغم أن القمح مستثنى من العقوبات، إلا أن صعوبات التحويلات المالية، وغياب الشفافية، وعدم استقرار السياسات الاقتصادية، كل هذا، يجعل الموردين العالميين مترددين. فالمطلوب الآن، إصلاح البيئة المالية والمؤسساتية".
وخصصت حكومة النظام السابق، حوالي 650 مليون دولار، أي ما يقارب 10% من الموازنة العامة، لشراء القمح، تبعاً لوزارة الزراعة، لكن أحداث الحرب التي تفاقمت، وموجات الجفاف، جعلت هذا الرقم غير كافٍ.
ويقول الباحث الاقتصادي سامي عيسى، إن وصول باخرة القمح إلى ميناء اللاذقية، يحمل بعض التفاؤل ببدء مسيرة تعافي الاقتصاد، لكن القيود مازالت كبيرة وشديدة. ويضيف لـ"إرم نيوز":
"لا يمكن حدوث انتعاش اقتصادي حقيقي، بمعزل عن الانفتاح السياسي مع العالم، وهذا مرتبط بملفات داخلية أوّلها وجود المناطق المنتجة للقمح والغنية بالنفط والغاز في سوريا، تحت سيطرة قوات قسد، إضافة إلى ملف العقوبات الشائك".
ويرى عيسى، أن سوريا تستورد اليوم، ما كانت تصدره قبل عام 2011، وهو القمح، ويضيف: "العودة إلى انتاج 4 ملايين طن من القمح سنوياً، هي الكفيلة بإحداث الانتعاش الاقتصادي؛ لأن هذه الكمية تحقق الاكتفاء الذاتي للبلاد، وتغنيها عن الاستيراد".
وبمعزل عن حمولة السفينة من القمح ومصدرها، يرى عيسى أن نشاط التصدير والاستيراد، يعني بدء الانتعاش، لكن هذا لن يكفي وحده؛ لأن وصول عدة آلاف من أطنان القمح، يعني تأمين لقمة الخبز، وليس انطلاق عجلة الاقتصاد.
وتبعاً للبنك الدولي، فإن انكماش الاقتصاد السوري تجاوز 84%، خلال الفترة من 2010 إلى 2023؛ ما يجعل سوريا بين الدول منخفضة الدخل عالمياً، حيث تقول الأمم المتحدة إن أكثر من 90% من السكان، يعيشون تحت خط الفقر؛ وهو ما يعني أن انتعاش الاقتصاد يحتاج جهداً ووقتاً طويلين.
وكانت الحكومة السورية المؤقتة السابقة، قد أعلنت على لسان رئيس الوزراء محمد البشير، نضوب احتياطات العملة الأجنبية، حيث لا تتجاوز 200 مليون دولار، مع 26 طنا من الذهب بقيمة تقدر بنحو 2.2 مليار دولار.
بالمقابل، علق صندوق النقد الدولي على هذه الاحتياطات المتدنية، بالقول، إنها تشكل انخفاضاً كبيراً عن مستوى 18.5 مليار دولار، الذي تم تقديره عام 2010 قبل الحرب، كما أنها تنخفض عن الحد الآمن لتغطية الواردات لمدة 3 أشهر.
في ظل هذه الأرقام الصعبة، يرى عيسى، أن الاقتصاد السوري أمام تحديات كبيرة، لا يمكن لوصول سفينة القمح إلى ميناء اللاذقية، أن ينقذه منها. ويضيف: "ملف الاقتصاد السوري، متشعب وشائك، دولياً وداخلياً، ولا حل لسوريا سوى بعودة الإنتاج الداخلي لسابق عهده قبل الحرب".